موضوع: مفهوم الاستخلاف:تعريفه واقسامه وابعاده الأربعاء مارس 07, 2012 11:24 pm
مفهوم الاستخلاف:تعريفه واقسامه وابعاده د.صبرى محمد خليل استاذ الفلسفه جامعه الخرطوم sabri.khalil@hotmail.com الاستخلاف لغه واصطلاحا: الاستخلاف لغه النيابه والوكاله (الفخر الرازى، التفسير الكبير ومفاتيح الغيب،ج26،ص199). واذا كانت الوكاله نوعان: عامه وخاصه فان الاستخلاف ورد فى القران بما يقابل هذين النوعين،. فقد ورد بمعنى الوكاله العامه ، وطبقا للمعنى الحقيقى للمصطلح ،وهو هنا يعنى أبدال وتغيير قوم بقوم آخرين ، كما فى الاستخلاف التكوينى (او الاجتماعى)، كما ورد بمعنى الوكاله الخاصه، وطبقا للمعنى المجازى للمصطلح، حيث يصور القران الوجود بمملكه ملكها الله تعالى والانسان نائب ووكيل عنه فى الارض،تكريما للانسان، وهوالاستخلاف التكليفى ، يقول الراغب الاصفهانى ( الخلافه النيابه عن الغير اما لغيبه المنوب عنه... واما لتشريف المستخلف)( المفردات في غريب القران ، ص156) أقسام الاستخلاف: -1 الاستخلاف الخاص:هو استخلاف فرد معين، فهو مقصور على الأنبياء والرسل:﴿ يا داؤد إنا جعلناك في الأرض خليفة فاحكم بين الناس بالحق﴾، وبختم النبوة وانقطاع الوحي بوفاة الرسول (ص) انتهى هذا القسم من أقسام الاستخلاف . غير أن بعض العلماء قال باختصاص الحاكم بخلافة الله في الأرض، ذهب إلى هذا الزجاج ،وحكاه الماوردي عن بعض العلماء. وقال به معاوية أبن أبي سفيان" الأرض لله وأنا خليفة الله في أرضه فما أخذته فلي وما تركته للناس فالفضل مني".ذلك قال به الشيعة في حق أئمتهم. غير أن هذا القول يفضي إلى مساواة الحاكم و الإمام و النبي في المرتبة ويخالفه رأي اغلب علماء أهل السنة في أن المستخلف هو الجماعة ( الاستخلاف العام) إما الحاكم فهو نائب ووكيل عن الجماعة لها حق تعيينه و محاسبته وعزله. 2-الاستخلاف العام: وهو استخلاف الجماعة، ولا ينفرد به إي فرد أو فئة و أدلته:﴿ وإذ قال ربك إني جاعل في الأرض خليفة﴾ قالت جمهرة من المفسرين المراد بالخليفة ذرية آدم بدليل قوله على لسان الملائكة ﴿ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾يقول أبن كثير( الظاهر أنه لم يرد آدم عليه ولو كان ذلك لما حسن قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها)( أبن كثير , تفسير القرآن العظيم،ص114)و الذي نرجحه هو أن الآية تضمن الاستخلاف الخاص وهو لآدم (ع) باعتبار نبوته، كما تتضمن الاستخلاف العام وهو لذرية آدم . قال تعالى ﴿وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم﴾ في تفسير الأمام أبن جزئ الكلبي( .....إي يخلف بعضكم بعضاً أو خلائف عن الله والخطاب في هذا لجميع الناس) ( أبن جزئ الكلبي, التفسير،ص41) وقال تعالى ﴿ هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره﴾في تفسير النسفي( .... والمعنى انه جعلكم خلفاء في أرضه وقد ملككم مقاليد التصرف فيها وسلطكم على ما فيها وأباح لكم منافعها لتشكروه بالتوحيد و الطاعة )( النسفي, مدارك النزيل وحقائق التاويل. ص201 ). وفي السنة قال(ص) " إن الدنيا حلوة خضرة وان الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون" ( مسلم: ذكر, 99, الترمذي فتن36). أقسام الاستخلاف العام: ا- الاستخلاف التكويني :مضمونه أن الله تعالى أودع في الإنسان( من حيث هو إنسان) إمكانية تحقيق الاستخلاف في الأرض وذلك بتوافر امكانيه معرفه والتزام السنن إلالهيه التي تضبط حركة الوجود، وفي القرآن العديد من الآيات تشير إلى هذا النوع من الاستخلاف:﴿ ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون﴾. الاستخلاف الاجتماعي: ومن اشكال هذا الاستخلاف الاستخلاف الاجتماعى ، ويستند الى المعنى الحقيقى لمصطلح الاستخلاف ، ومضمونه هو أبدال وتغيير قوم بقوم آخرين: ومن ادلته قوله تعالى ﴿ قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون ﴾ ( الأعراف: 119)وقوله تعالى ﴿ وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ ﴾ ( الأعراف:74). في تفسير أبن كثير ( اي قوماً يخلف بعضهم قرنا بعد قرن وجيلاً بعد جيل ). وهذا الاستخلاف الاجتماعي لا يتم جملة واحدة ، بل خلال أطوار هي ذات الوحدات الاجتماعية التي يتم خلالها الاستخلاف الاجتماعي وهي نامية خلال الزمان وهي الاسره﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ﴾ ، فالعشيرة﴿ وانذر عشيرتك الأقربين﴾،فالقبيلة فالشعب،( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) فالامه التى مناط الانتماء اليها اللسان لقوله( ص) (إلا أن العربية اللسان..)وتتميز بالاستقرار في الأرض الخاصه (الديار) ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم تبروهم وتقسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين﴾ ( الممتحنة: ، فالإنسانية. ب-الاستخلاف التكليفي : و مضمونه إظهار الإنسان لربوبيه الله تعالى وألوهيته فى الارض، بالعبودية والعبادة ، على المستوى الصفاتى، يقول الماتريدى(وجائز أن يكونوا خلفاء فى اظهار احكام الله ودينه)( تاويلات اهل السنه، ج 1) ويقول الالوسى( فلابد من اظهار من تم استعداده وقابليته ليكون مجليا لى ومراه لاسمائى وصفاتى)(روح المعانى،ص223). و بالتالي فإن هذا النوع من أنواع الاستخلاف مقصور على الذين يلتزمون بالوحي ، فهو يحد النوع السابق ولا يلغيه فيكمله ، وقد أشار القرآن إلى هذا النوع من الاستخلاف أيضا ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾. ومن اشكال هذا الاستخلاف: الاستخلاف الاقتصادى: مضمونه إسناد ملكية المال( اى حق التصرف المطلق فى المال) لله تعالى وحده ﴿ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ﴾ (النور: 33) واستخلاف الجماعة فى اظهار ملكيته تعالى باسناد الانتفاع بالمال على الوجه الذى حدده مالك المال اليها ﴿وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ (الحديد: 7)، اما الفرد فهو نائب ووكيل عنها فى الانتفاع بالمال على الوجه الذى لايتناقض مع مصلحتها (الوظيفه الاجتماعيه للملكيه). الاستخلاف السياسى: مضمونه إسناد الحاكمية(السياده او السلطه المطلقه ) لله وحدة ﴿ ...اِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ﴾ ( يوسف: 40)، واستخلاف الجماعة في إظهار حاكمتيه تعالى ، باسناد الامر (السلطه المقيده بالحاكميه-السياده- الالهيه) اليها﴿وامرهم شورى بينهم﴾، اما الحاكم فهو نائب ووكيل عن الجماعه لها حق تعيينه ومراقبته وعزله. البعد الفلسفى لمفهوم الاستخلاف: تقوم فلسفه الاستخلاف على محاوله تحديد العلاقة بين المستخلف(الله تعالى) والمستخلف(الإنسان)والمستخلف فيه(الكون) وذلك باتخاذ المفاهيم ألقرانيه الكلية( التوحيد والاستخلاف والتسخير) مسلمات أولى لها، ثم محاوله استنباط النتائج الفلسفية لهذه المفاهيم متخذه من اجتهادات أهل السنة الكلامية نقطه بداية لا نقطه نهايه. ومضمون مفهوم التوحيد هو إفراد الربوبيه والالوهيه لله تعالى ، ومضمون توحيد الربوبيه أن الله تعالى ينفرد بكونه الفاعل المطلق ،يقول ابن تيميه في معرض رفضه لاستدلال المتكلمين على وجود الله بطريقه الأعراض الدالة على حدوث الأجسام( إن هذا المسلك مبنى على امتناع دوام كون الرب فاعلا وامتناع قيام الأفعال الاختيارية بذاته) (ابن تيميه، درء التعارض،1/98.). و مضمون توحيد الإلوهية أن الله تعالى ينفرد بكونه الغاية المطلقة، يقول ابن تيمية ( .... ولكن المراد المستعان على قسمين: منه ما يراد لغيره ..... ومنه ما يراد لنفسه فمن المرادات ما يكون هو الغاية المطلوب فهو الذي يذل له الطالب ويحبه وهو الإله المعبود ومنه ما يراد لغيره)..فالتوحيد يتعلق بإفراد الوجود المطلق فعلا وغاية لله تعالى، والوجود المطلق هو الوجود القائم بذاته وكل وجود سواه قائم به وبتعبير الغزالي( فهو القيوم لان قوامه بذاته ،وقوام كل شيء به ،وليس ذلك إلا الله تعالى)( الغزالي، المقصد الاسنى في شرح أسماء الله الحسنى). ومضمون مفهوم التسخير هو ان عالم الشهادة قائم على ظهور صفات الربوبية"اى ما دل على الفعل المطلق لله تعالى" يقول ابن القيم( فالكون كما هو محل الخلق والأمر مظهر الأسماء والصفات فهو بجميعه شواهد وأدله وآيات دعا الله سبحانه عباده إلى النظر فيها).ولهذا الظهور شكلان تكويني: يتمثل في الكون، والسنن الإلهية التي تضبط حركته يقول ابن تيميه(المخلوقات كلها آيات للخالق والفرق بين الايه والقياس إن الايه تدل على عين المطلوب الذي هو أيه وعلامة عليه)( ابن تيميه، مجموع الفتاوى،1/48)وتكليفي :يتمثل في الوحي يقول ابن القيم( القران كلام الله وقد تجلى الله فيه لعباده بصفاته) . ويترتب على مفهوم التسخير قاعدتان هما:الموضوعية والسببية . ومضمون مفهوم الاستخلاف هو إظهار الإنسان لربوبيه وألوهيته الله تعالى في الأرض ، وهو ما يكون بالعبودية والعبادة، وذلك على المستوى الصفاتى، اى إظهار لصفات ربوبيه والوهيه الله تعالى (ما دل على وجوده المطلق فعلا وغاية ) في الأرض (عالم الشهادة المحدود بالزمان والمكان ) قدر طاقته المحدودة. يقول الالوسى ( فلابد من إظهار من تم استعداده وقابليته ليكون مجليا لي ومراه لاسمائى وصفاتي)( الالوسى،روح المعنى،ص223) واظهار صفات الالوهيه يكون بتوحيد الالوهيه كما سبق بيانهوالعبادة،وللعبادة معنى خاص ومعنى عام ومضمون الأخير اتخاذ الله تعالى غاية مطلقه واتخاذ صفات الوهيته مثل عليا -قيم-مطلقه يسعى الإنسان لتحقيقها في الأرض ( اى في واقعه المحدود زمانا ومكانا)دون ان تتوافر له امكانيه التحقيق النهائى لها، ولا يكون ذلك بإلغاء تصور الإنسان للمثل العليا- القيم- المحدودة زمانا ومكانا بل تحديدها باتخاذ مقتضى صفات الالوهيه ضوابط موضوعيه مطلقه لها يقول ابن تيميه( أن من أسماء الله تعالى وصفاته ما يحمد الاتصاف به كالعلم والرحمة والحكمة). اما إظهار صفات الربوبية فيكون بتوحيد الربوبية كما سبق بيانه والعبودية، ولا تعنى العبوديه إلغاء الفعل الانسانى بل تحديده، وذلك باتخاذ مقتضى صفات الربوبية ضوابط موضوعيه مطلقه للفعل الانسانى ، وبناء على هذا يصبح مضمون الاستخلاف أن تاخذ حركه الإنسان شكل فعل غائي محدود بغاية مطلقه(الالوهيه) وفعل مطلق( الربوبيه)، اى كدح إلي الله بالتعبير القرانى" يا أيها الإنسان انك كادح إلي بربك كدحا فملاقيه" (د.صبرى محمد خليل، الابعاد المعرفيه لمفهوم الاستخلاف، مركز التنوير المعرفى، الخرطوم، 2006) البعد المعرفى لمفهوم الاستخلاف:يقوم الاستخلاف كمنهج للمعرفة على أن صفات الربوبيه (اى ما دل على الفعل المطلق لله تعالى) تظهر في عالم الشهادة على شكلين: شكل تكليفي : يتمثل في القواعد التي مصدرها الوحي والتي تحدد ظهورها في شكلها التكويني ولا تلغيه. شكل تكويني: يتمثل في السنن إلالهيه التي تضبط حركه الوجود الشهادى ،وهى على نوعين: السنن الالهيه الكلية:التي تضبط حركه الوجود الشامل للطبيعة المسخرة والإنسان المستخلف وقد اشار لها الدكتور عصمت سيف الدوله وهى: (1) الحركة: "والفلك تجري في البحر بما ينفع الناس، وما أنزل الله من ماء فأحيى به الأٌرض بعد موتها، وبث فيها من كل دابة، وتصريف الرياح، والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون". (2) التغير: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". (3) التأثير المتبادل: وهى ما يمكن استخلاصها من مفهومي الغنى والفقر، فالله تعالى غني وكل ما سواه فقير، وهذا الفقر نوعان: فقر إلي الله تعالى، وفقر إلي غيره من المخلوقات، والنوع الأخير هو ما يعبر عنه علميا بالتأثير المتبادل. السنن الالهيه النوعية: وهى التي تضبط حركة نوع معين من أنواع الوجود الشهادى ،كسنه "الكدح إلى الله " ( اى الترقي الروحي المادي من خلال صراع المتناقضات في ذات الإنسان) المقصورة على الإنسان، و هناك أيضا بعدان لهذا الترقي أو الكدح إلى الله: بعد تكويني: النقيضان فيه الواقع والغاية ومضمونه أن حركة الإنسان تتم عبر ثلاثة خطوات: • المشكلة:اى التناقض بين الواقع وغاية في الذهن، وقد عبر القرآن عن هذه الخطوات بمصطلح المسألة:"يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس"."يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول" • الحل:اى إلغاء التناقض بينهما في الذهن ، وقد عبر الفقهاء عن هذه الخطوة بمصطلح الحكم . كما عبر القرآن عن الحل الرافض للوقوف إلي أحد النقيضين ويؤلف بينهما بالوسطية والقوامة:"وكذلك جعلناكم أمة وسطاً". "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكانوا بين ذلك قواماً".. • العمل:اى إلغاء التناقض بينهما في الواقع بتنفيذ الحل في الواقع، وقد أشار القرآن إلي هذه الخطوة." إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات... " بعد تكليفي: النقيضان فيه المطلق في مستواه الصفاتى لا مستواه الذاتي ( اى صفات الالوهيه (ما دل على كونه تعالى غاية مطلقه) كمثل عليا مطلقه يسعى الإنسان لتحقيقها في واقعه المحدود دون أن تتوافر له امكانيه التحقق النهائي لها، و صفات الربوبيه(ما دل على الفعل المطلق لله تعالى) كضوابط تحدد ولكن لا تلغى للفعل الانسانى في سعيه لتحقيق هذه المثل العليا المطلقة في واقعه المحدود زمانا ومكانا) والمحدود(اى الواقع المحدود بالزمان والمكان) ، لذا قرر القرآن والسنة أن هذا الوجود الإنساني قائم على صراع المطلق والمحدود وهو ما عبر عنه القران والسنة بالجهاد في الله أو جهاد النفس: فيروون أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك قال :"رجعنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأكبر". وأورد أبن تيمية الحديث " المجاهد من جاهد نفسه في ذات الله"كما قرر علماء أهل السنة أن الوجود الإنساني هو سير لا ينقطع إلي الله، يقول ابن القيم (فإن السالك لا يزال سائراً إلي الله تعالى حتى يموت ولا ينقطع سيره إلا بالموت فليس في هذه الحياة وصول يفرغ معه السير وينتهي)( ابن القيم، مدارج السالكين، ج3، ص45) وهذا البعد يحدد البعد التكويني ولا يلغيه فيكمله ويغنيه فيكون بمثابة ضمان موضوعي مطلق لاستمرار فاعليته ، فيحدد للإنسان نوع المشاكل التي يواجهها، وطرق العلم بها، ونمط الفكر الذي يصوغ حلولها ،وأسلوب العمل اللازم لحلها(د.صبرى محمد خليل، الابعاد المعرفيه لمفهوم الاستخلاف، مركز التنوير المعرفى، الخرطوم، 2006). البعد المذهبى لمفهوم الاستخلاف:: تشير الايه﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ﴾ إلى الوعد الالهى بالاستخلاف، كما تشير إلى أن تحقيق هذا الوعد الالهى معلق بمعرفه والتزام شروطه الذاتية" والتي عبر القران عن جملتها بالإيمان، " والموضوعية" والتي عبر القران عن جملتها بالعمل الصالح" ، وقد تولى القران بيان الشروط المطلقة للاستخلاف, وترك للناس أمر الاجتهاد في شروطه المحدودة بالزمان والمكان النسبية فيهما, على أن يكون هذا الاجتهاد محدود بالشروط المطلقة للاستخلاف . وبناءا على هذا فان هذه الدراسة هي اجتهاد لمعرفه شروط الاستخلاف في مكان معين( الامه العربية المسلمة) وزمان معين(القرن الحادي والعشرين للميلاد), وبالتالي سيكون حديثنا هنا عن الاستخلاف كمذهب في الفكر الاسلامي اى كمجموعه من الحلول للمشاكل التي يطرحها واقع معين زمانا ومكانا. وهنا يجب التمييز بين الأنواع المختلفة للمشاكل:فمن حيث مصدر معرفتها نميز بين نوعين من أنواعها: مشاكل التقدم أو النمو الحضاري: ومصدر معرفتها الناس أنفسهم ،ومشاكل التخلف الحضاري : ومصدر معرفتها القوانين أو السنن الالهيه التي تضبط حركه المجتمع الانسانى . ومن حيث الشمول نميز بين نوعين من أنواعها:المشاكل العامة أو المشتركة بين الناس في الامه المعينة، والمشاكل الخاصة بالناس في جزء معين من أجزاء هذه الامه. وحديثنا هنا ينصب على مشاكل التخلف الحضاري المشتركة أو العامة للامه حيث يطرح الواقع عددا من المشاكل هي: مشكله التخلف والتبعية الاقتصاديين والظلم الاجتماعي (الاستضعاف- الاستكبار الاقتصادي). مشاكل الاستبداد والتبعية السياسية (الاستعمار بشكله الجديد والقديم) ( الاستضعاف -الاستكبار السياسي الداخلي والخارجي). والتجزئة ) الاستكبار الاجتماعي ).مشكله الهوية أو الجمود والتغريب الحضاري ( الاستضعاف- الاستكبار الحضاري)وهنا نطرح الاستخلاف كمفهوم شامل اى كمفهوم حضاري ونقصد بمفهوم حضاري هنا الحضارة كنسق معرفي شامل يتضمن الدين والقيم و المعارف...كحل لهذه المشاكل، حيث نطرح العدالة الاجتماعية ( الاستخلاف الاقتصادي) والوحدة( الاستخلاف الاجتماعي) والحرية ( الاستخلاف السياسي الداخلي والخارجي) والاصاله والمعاصرة( الاستخلاف الحضاري)كحلول لهذه المشاكل على أن تكون هذه الحلول مقيده بالقواعد الأصول المطلقة عن قيود الزمان والمكان ،والتي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة. - للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com) )