منتدى الثقافة العربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


موقع الحوار
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سؤال الهوية في العالم العربي...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بدرالدين عياري

بدرالدين عياري


المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 06/05/2011

سؤال الهوية في العالم العربي... Empty
مُساهمةموضوع: سؤال الهوية في العالم العربي...   سؤال الهوية في العالم العربي... I_icon_minitimeالخميس يونيو 16, 2011 4:55 pm

محمد عابد الجابري
عرضنا في المقالين السابقين لمسألة الهوية في علاقتها بكل من "الهجرة " في الخليج وأوربا من جهة، وبارتباطها بـ "شيخوخة السكان" في كثير من أقطار أوربا نفسها كما في روسيا والصين وبلدان أخرى. وفي هذا المقال سندشن القول في المسألة نفسها –مسألة الهوية- كما يمكن رصد تجلياتها جملة في العالم العربي خلال عصوره التاريخية الكبرى، منطقين من العصر الحاضر، فنقول:
ما من شك في أن شعوب العالم العربي تجتاز اليوم ظروفا صعبة: تواجه تحديات تتهددها ليس فقط في هويتها كشعوب تتطلع إلى تحقيق نهضتها وتقدمها واستقرارها، بل تواجه تحديات وأخطارا تهدد كثيرا منها في كيانها كوجود. ومن هنا هذا السؤال الذي يفرض نفسه على كل شعب أو طائفة، سؤال: من أنا؟ من نحن؟ وهذا السؤال المقض للمضاجع لا يتعلق بالحاضر، بل يتعلق أكثر بالماضي والمستقبل!
ذلك أن مسألة الهوية عندما تطرح نفسها على شعوب عريقة، كالشعوب العربية والفارسية والهندية والصينية الخ، والتي اجتازت خلال تاريخها المديد تجارب قاسية، يجب أن ينظر إليها على أنها تعبير عن الحاجة، لا إلى تحديد الهوية، بل إلى إعادة ترتيب عناصرها وإعادة إرساء علاقتها بالمحيط. إن التجارب التي يعاني منها الأفراد والتحديات التي تواجهها الشعوب والأمم تجعل من الضروري بين حين وآخر إعادة ترتيب عناصر "الأنا"، الشخصي والجماعي، بالشكل الذي يمكن من اجتياز الأزمة التي يطرحها سؤال الهوية في مثل هذه الظروف. إنها في الغالب "حالة نفسية" أشبه بأزمة على صعيد الوعي، قد تشتد لدى أشخاص أو شرائح اجتماعية، إلى الدرجة التي تؤدي إلى طرح سلبي لمسألة الهوية، إلى تضخيم شأنها أو إنكارها بالمرة! هذا في حين أن المسألة كلها تؤول في نهاية الأمر، وفي الغالب، إلى إعادة التوازن داخل الوعي، الفردي والجماعي.
ومن هنا يبدو واضحا أن معالجة مسألة الهوية، ككثير غيرها من المسائل، تتوقف على الطريقة التي نتعامل بها معها. فإذا نحن نظرنا إلى الهوية من حيث الثبات، من حيث الهو-هو، (وهذا هو معنى الهوية في اصطلاح المنطق الصوري: أ=أ) فإننا سنجد أنفسنا "نتحرك" على نقطة ميتة، ولذلك كان من الضروري التعامل مع مسألة الهوية من زاوية تسمح بممارسة الفعالية العقلية فيها وذلك بالنظر إليها أولا من الزاوية التاريخية، الزاوية التي تفرض النظر إلى الأشياء، لا من خلال الثبات والجمود، بل من خلال التطور، من خلال تموجات التاريخ ... في هذه الحالة تصبح مسألة الهوية موضوعا للفكر، يمارس العقل فعاليته عليها، وليس حالة وجدانية تجعل عقل صاحبها –وجسمه كذلك- يهتز على نقطة ميتة، لا يتقدم خطوة حتى يتراجع أخرى!
علينا إذن أن ننظر إلى مسألة الهوية المطروحة علينا حاليا من منظور تاريخي، منظور موضوعه لا الهوية في صفتها الثابتة، بل الهوية من حيث إنها وعي بالذات متطور متجدد. والسؤال الذي يفرض نفسه في هذا الإطار هو التالي: كيف تطور "الوعي بالذات"، عبر التاريخ، لدينا نحن سكان هذه الرقعة من الأرض التي تمتد من المحيط إلى الخليج؟ كيف تمَّتْ لدينا، إقامة علاقات جدلية تاريخية بين ذواتنا وبين المعطيات الخارجية؟ سؤالان يمكن صياغتهما في سؤال واحد كما يلي: كيف يجب أن ننظر إلى مسألة الهوية في هذه المنطقة التي باتت تُعرف، منذ نحو قرن، بـ"العالم العربي"، ويطلق سكانها على أنفسهم، ومن خلال مرآة سياق تجربتهم التاريخية، اسم "الأمة العربية"؟
الأمة العربية، مثلها مثل كثير من الأمم، هي مجموعة قبائل وشعوب، لها تاريخ مديد يمتد إلى آلاف السنين. لكن الوعي بالهوية في وقت من الأوقات، لا يمتد بالضرورة عبر هذه الآلاف من السنين جميعها، لا على المستوى الفردي ولا على المستوى الجماعي، بل هو وعي يتحرك داخل التاريخ الذي ما زال حيا في النفوس أو صار كذلك بعد طول غياب: يفعل فيها فعله، تستنجد به وتستلهمه كلما كان هناك شعور بالحاجة إلى ذلك.
وبالنسبة للعالم العربي، الذي لا يشكل فيه "العرق العربي الأصيل" (إذا جاز التعبير) الأغلبية العددية، فإن التاريخ الحي في وعي الأغلبية الغالبة من أبنائه يبتدئ مع بداية الإسلام، مع امتداد باهت إلى ما قبل الإسلام مشرقا ومغربا. ولكن بما أن "ما قبل الإسلام"، هنا أو هناك، إنما يكتسب معناه في الوعي الجماعي من خلال صلته بالإسلام، فإنه من الممكن أن نعتبر أن "تمكن الإسلام"، كدين وحضارة في كل قطر، كان يشكل بدايةً جديدة لوعي أهله بانتمائهم لـ"العالم العربي"، هذا "العالم" الذي يشكل المجال الجغرافي التاريخي للوعي بوجود "الآخر" الذي به تتحدَدَّ –"الأنا" كهوية منفصلة إن لم تكن مغايرة تغاير تضاد مع ذلك "الآخر". ذلك هو مضمون اصطلاح "العجم" في مقابل "العرب" أو "المسلم" في مقابل "الكافر" (أو "النصراني" بمعنى "الرومي، الأوروبي في اصطلاح أبناء المغرب العربي).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سؤال الهوية في العالم العربي...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تشكل الهوية العربية
» الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية في مدرسة المستقبل
» الهوية "الأقٌوامية" ... ومسألة "العروبة والإسلام السياسي"
»  السودان و ثوره الشباب العربي
» وسائل الإعلام العربي بين العروبة والعولمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الثقافة العربية :: الهوية العربية الاسلامية-
انتقل الى: