منتدى الثقافة العربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


موقع الحوار
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عن الدور المفقود للمثقفين العرب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صبرى محمد خليل خيرى




المساهمات : 112
تاريخ التسجيل : 08/05/2011

عن الدور المفقود للمثقفين العرب Empty
مُساهمةموضوع: عن الدور المفقود للمثقفين العرب   عن الدور المفقود للمثقفين العرب I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 17, 2011 1:23 am

عن الدور المفقود للمثقفين العرب
د.صبري محمد خليل- أستاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم sabri.khalil30@yahoo.com

المظاهر السلبية: هناك العديد من المظاهر الفكرية والسلوكية السلبية التي تسود بين المثقفين والمتعلمين العرب، فهي توجد في مجموعهم ان لم توجد في جميعهم . هذه المظاهرالسلبيه هي إفراز امتداد الحياة في ظل تخلف النمو الحضاري للمجتمع العربي نتيجة لعوامل داخليه(كالتقليد، الجمود..) وخارجية(الاستعمار، التبعية...) متفاعلة، و في ذات الوقت فإنها احد أسباب استمراره لأنها تفتك بمقدرة المثقفين الذين هم قادة حركة التطور الاجتماعي في كل المجتمعات.
الخلط بين المثقفين والمتعلمين: أولا يجب التمييز بين المثقفين (أي الذين لهم المقدرة الفكرية لإدراك المشكلات الاجتماعية، ومعرفة حلولها، والمقدرة على العمل الجماعي اللازم لحلها)، والمتعلمين أو الأكاديميين (الذين لا يعرفون من العلم إلا ما تعلموه في جامعاته ومراكزه ومعاهده المتخصصة، ويجهلون علاقته بمشكلات الواقع الاجتماعي، أو لا يهتمون بتلك الصلة).
الفردية : من أهم هذه المظاهر الفكرية والسلوكية السلبية الفردية( التي يعبر عنها عامه الناس بمصطلح الانانيه)، ومرجع هذه النـزعة الفردية عند بعض المثقفين أنهم قادة حركة التطور في كل المجتمعات، وإذا كانوا في المجتمعات المتقدمة كثرة تفيض عن الحاجة. فإنهم في المجتمعات النامية كالمجتمعات العربية قوة نادرة؛ ذلك لأنهم أكثر معرفة وعلماً ومقدرة على العمل من الكتلة السائدة. فلا تستطيع مجتمعاتهم أن تستغني عنهم، وبينهم وبين سواد الشعب ثغرة فاصلة. يمكن أن يضاف إلى هذا أسباب عدة، منها أن برامج التربية والتعليم والثقافة والإعلام في المجتمعات النامية كانت لفترة طويلة من وضع القوى الاستعمارية لخدمة غاياتها. ومن غاياتها إضعاف العلاقة الاجتماعية التي تربط الناس بمجتمعاتهم في مصير واحد حتى لا تعود هذه الروابط إلى وعن الناس التزامهم بتحرير مجتمعاتهم. ومنها احتضان القوى الاستعمارية للعناصر المتفوقة من المتعلمين وإتاحة فرصة إكمال ثقافتهم في معاهدها وجامعاتها عن طريق البعثات، وهنا تدس في الأذهان مُثُلاً عُليا غريبة عن مجتمع المبعوث. ومنها ميراث الممارسة الليبرالية ذلك المذهب الفردي الذي يتجاوز تجميد الإنسان إلى إطلاق الفرد من التزاماته المترتبة علي انتمائه إلى مجتمعه؛ فيتحول المجتمع إلى ساحة صراع فردي لا إنساني؛ وتكون الفردية فيه قيمة لا يخجل منها صاحبها، بل يفخر بها بقدر ما يكون لها من ضحايا من أفراد آخرين.
الفردية السلبية والفردية الايجابية:غير أن هذه الفردية قد تأخذ شكلاً سلبياً، أو شكلاً إيجابياً. أما الشكل السلبي؛ فيأخذ شكل العزلة عن الجماهير. أو شكلاً إيجابياً كالاستعلاء على الناس، والتشبث بالقيادة، والتوقف أو الانعزال، أو التمرد على العمل الجماعي ما لم يخضع الناس لإرادته.
البيروقراطية: ومن أشكال الفردية الايجابية البيروقراطية؛ فالبيروقراطيون هم قطاع من المتعلمين يشكلون جزءاً من موظفي الدولة، يُفرطون في توفير الشرعية الشكلية للقوانين واللوائح (عدم تناقضها مع قواعد الدستور، أو القانون) مع إهمالهم لمضمونها ( كأدوات وُضِعت لتنظيم حياة الناس وحل مشاكلهم)، كما تستخدم فئة منهم السلطة الممنوحة له لتعويض سنوات الفقر بالاختلاس أو تعويض سنوات الذل بالاستبداد بالناس. ولا يمكن مقاومه البيروقراطية إلا بمنح الشعب حق الشكوى ،لا بمنح الموظفين الحضانة ضد الشكوى.
تجاوز المثقف لدوره والوصاية على الشعب : ومن هذه المظاهر السلبية عدم معرفه كثير من المثقفين العرب لحدود دورهم الاجتماعي ، مما يؤدى في كثير من الأحيان لتجاوزهم لهذا الدور، ومن أشكال هذا التجاوز محاوله كثير من المثقفين العرب فرض وصايتهم على شعوبهم ، ومن أشكال هذه الوصاية التحدث بالنيابة عن شعوبهم ، والحديث عن المشاكل التي تعانيها ، دون تمييز بين مشكلات التنمية، وهى المشكلات المتجددة التي يعانيها الشعب وهو يحاول ان ينتج من الإمكانيات المتاحة له ما يشبع به حاجاته المتجددة...و مشكلات التقدم التي تتعلق بالعقبات التي تحول بين الشعب وحل مشكلات النوع الاول من المشاكل ، فمصدر معرفه النوع الاول من المشاكل هو الشعب نفسه ، بينما مصدر معرفه النوع الثاني هو الواقع الموضوعي والقوانين الموضوعية(السنن الالهيه) التي تضبط حركته... ومن أشكال هذه الوصاية محاوله بعض المثقفين ان يحددوا لشعوبهم علاقات انتمائها المتعددة(الوطنية، القومية، الدينية...)، و المواقف التي يعبر من خلالها-تلقائيا- عن هذه العلاقات ، بينما دور المثقف مقصور على تحديد الأساليب والطرق الصحيحة للتعبير عن هذه العلاقات، او تحديد الصيغة السليمة للعلاقة بين علاقات الانتماء المتعددة هذه، ولا يتجاوزه إلى إيجاد او إلغاء هذه العلاقات او التعبير عنها. ومن أشكال هذه الوصاية سعى كثير من المثقفين للسلطة استنادا إلى تفسير خاطئ لمقوله صحيحة هي ان المثقفين الذين هم قادة حركة التطور الاجتماعي في كل المجتمعات. والمقصود بهذه المقولة ان دور المثقف( وهو الاجتهاد في وضع حلول للمشاكل التي يطرحها واقع معين) سابق على دورالسياسى (وهو تنفيذ الحلول التي رأى الشعب او اغلبه أنها الحلول الصحيحة)، وبالتالي فان التغيير الفكري سابق على التغيير السياسي.
بين التغريب والتقليد: ومن هذه المظاهر السلبية ان المثقف العربي في محاولته الاجابه على السؤال المتعلق بكيفية تحقيق التقدم الحضاري للمجتمع العربي ظل يدور في حلقه مفرعه مضمونها إما القول بإلغاء القيم الحضارية للشخصية العربية واستبدالها بقيم جديدة (التغريب)؛ متناسيا ان أن محاولة اجتثاث أي شخصية من جذورها محاولة فاشلة لن تؤدى إلا إلى حطام شخصية. او القول بالإبقاء علي الشخصية العربية كما هي كائنة (التقليد)؛ متناسيا ان هذا يعنى الإبقاء على المظاهر الفكرية والسلوكية السلبية التي افرزها التخلف الحضاري. ولم يفلح المثقف العربي في الوصول إلى اجابه جدليه مضمونها إلغاء المظاهرالسلبيه للشخصية العربية بإلغاء سببها (تخلف النمو الحضاري)،وفى ذات الوقت إبقاء القيم الحضارية للشخصية العربية لتسهم سلبا في بناء شخصيه مطهره من هذه المظاهر السلبية، وإيجابا في إنتاج مظاهر ايجابيه جديدة..
ان كلا الموقفين (التغريب والتقليد) يلتقيان في النتيجة رغم تناقض المقدمات التي ينطلقان منها ، فالمجتمع العربي مثلا يعانى من شيوع نمط التفكير البدعى متمثلا في أنماط من الفهم الخاطئ للإسلام؛ التي تكتسب قدسية نسبتها إلى الدين ، وهو ما يساهم في الإبقاء على واقع تخلف النمو الحضاري للمجتمع العربي (لان التفكير البدعى هو حاضن التفكير الخرافي والاسطورى). ومن أسباب استمرار هذا الجهل بالدين و الفهم الخاطئ له ،ان التيار التغريبي يرى أن التقدم لا يمكن أن يتم إلا بإلغاء الدين أو تهميشه،وهو بهذا يكرس للجهل بالدين وسط المثقفين الذين من المفترض أن يكونوا طليعة المجتمع في تثقيفه، وتوعيته بالإسلام وقيمه الحضارية الإنسانية، ومحاربه الفهم الخاطئ للدين الذي يساهم في الإبقاء على واقع التخلف الحضاري، وتقديم فهم صحيح له. بالاضافه الى ان التيار التقليدي يخلط بين الدين الصحيح وقيمه الانسانيه والحضارية والمظاهر السلبية التي افرزها واقع تخلف النمو الحضاري للمجتمعات المسلمة.
وأخيرا نلاحظ ان من احد أسباب الدوران في هذه الحلقة المفرغة (التغريب والتقليد) ان من خصائص التفكير الاسطورى القبول المطلق لفكره ما والرفض المطلق لنقيضها ، وهو ما يتحقق هنا فى الموقف من قيم المجتمع الحضاريه، اى القبول المطلق لقيم المجتمع الحضاريه (التقليد)او الرفض المطلق لها(التغريب).
النخبوية بدلا من الطليعية:ومن هذه المظاهر السلبية اتصاف المثقفين العرب بالنخبوية بدلا من اتصافهم بالطليعية، اى إنه بدلاً من ان يكون المثقفين العرب طلائع التغيير الفكري للمجتمع العربي بتبنيهم لنمط تفكير اجتهادي علمي عقلاني ، فإنهم أصبحوا انعكاسا لواقع تخلف النمو الحضاري بتبنيهم لنمط تفكير بدعي شبه خرافي شبه اسطورى، شانهم شان باقي فئات المجتمع ، مع رغبتهم في التميز الوظيفي والاقتصادي والاجتماعي... عن هذه الفئات. وإيه هذا شيوع انماط من التفكير و السلوك الخرافي و الاسطورى والبدعى بين جميع فئات المجتمع بما فيها الفئات المتعلمة. فمن انماط التفكير الخرافي الشائعة الاعتقاد بامكانيه العلم الغيب كرمي الودع وقراءه الكف وضرب الرمل وقراءه الأبراج .... و عدم احترام قيمه الزمن... ومن انماط التفكير الاسطورى القبول المطلق لفكره وبالتالي الرفض المطلق للأفكار الأخرى ، الشك المطلق ( إنكار إمكانية التحقق من صحة أي فكرة).، أو النزعة القطعية ( التسليم بصحة فكرة دون التحقق من كونها صادقة أم كاذبة)،اتخاذ الإلهام أو الوجدان و الخيال كوسائل معرفه مطلقه تلغى العقل كوسيله معرفه محدودة بوسائل ألمعرفه الأخرى ،اللامنطقيه ( التناقض ). ومن انماط التفكير البدعى تقديس الأولياء ورفعهم الى مرتبه الأنبياء... ومن أهم الادله التي تشير لاتصاف اغلب المثقفين العرب بالنخبوية وليس الطليعية ،الدور السلبي للمثقفين العرب في ثوره الشباب العربي، حيث فشل اغلب المثقفين العرب في التنبؤ بها ، فضلا عن عدم قيامهم بدورهم المفترض في قيادتها فكريا.
علاقة المثقف بالسلطة والدورالنقدى:أما علاقة المثقف العربي بالسلطة فهي أيضا تدور في حلقه مفرغه مضمونها إما الرفض المطلق للسلطة دون تمببز بين النظام والدولة، او القبول المطلق للسلطة بإنكار اى سلبيه للنظام ، والواقع من الأمر ان كلا الموقفين (الرفض المطلق والقبول المطلق )هما من خصائص نمطي التفكيرالخرافى والاسطورى، وبالتالي فان التقييم العلمي والعقلاني لاى نظام هو التقييم الذى يتجاوز كل من موقفي القول المطلق والرفض المطلق إلي الموقف النقدي ، هذا الموقف النقدي يمثل جوهر دور المثقف في المجتمع، والذي ينبغي ان ينصب التقييم الموضوعي للمثقف عليه -متمثلا في فكره -، بخلاف التقييم الذاتي للمثقف، الذى ينصب على مواقفه الذاتية وانتماءاته الشخصية (السياسية والاجتماعيه...).
عدم انجاز التغيير الفكري: ان تغيير اى مجتمع لا يتم بالقفز على الواقع، بل بالتدرج بالانتقال به مما هو كائن إلي ما هو ممكن الى ما ينبغي إن يكون، فالتغيير لابد ان يتم عبر مرحلتين: المرحلة الأولى هي مرحله التغيير الفكري، والمرحلة الثانية هي مرحله التغيير السياسي. ونلاحظ ان السياسة العربية ظلت تحاول دائماً الانتقال إلى مرحلة التغيير السياسي، دون ان تكمل إنجاز مرحلة التغيير الفكري ،لان المثقفين العرب لم يؤدوا دورهم الاساسى، وهو انجاز التغيير الفكري سلبا بمحاربة التفكير البدعى شبه الخرافي وشبه الأسطوري ، وإيجابا بإنتاج ونشر التفكير الاجتهادي العلمي والعقلاني.
- للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com) ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عن الدور المفقود للمثقفين العرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الثقافة العربية :: الفكر الحر-
انتقل الى: