التدين: أبعاده و أنماطه وضوابطه
د.صبري محمد خليل/ أستاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم
sabri.khalil@hotmail.comالتمييز بين الدين والتدين: بداية يجب التمييز بين الدين كوضع الهي، والتدين ككسب بشرى ، والمقصود بالدين أصوله الثابتة، التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ،أما التدين فهو معرفه والتزام بشرى بهذه الأصول، بالاضافه إلى الفروع الظنية الورود والدلالة، يقول الدكتور عبد المجيد النجار (إن حقيقة الدين تختلف عن حقيقة التدين ؛ إذ الدين هو ذات التعاليم التي هي شرع إلهي، والتدين هو التشرع بتلك التعاليم ، فهو كسب إنساني. وهذا الفارق في الحقيقة بينهما يفضي إلى فارق في الخصائص، واختلاف في الأحكام بالنسبة لكل منهما)(كتاب الأمة).
فطريه التدين: والتدين في المفهوم الاسلامى هو فطره في الإنسان يقول تعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها ولا تبديل لخلق الله) (الروم : 30)،ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة)،والمقصود بكونه فطره انه امكانيه لابد لها من ضوابط لتنتقل من الامكانيه إلى التحقق بدون انحراف ، يقول ابن تيمية (ومعلوم أن كل مولود يولد على الفطرة ليس المراد به أنه يوم ولدته أمه يكون عارفاً بالله موحداً بحيث يعقل فان ذلك الله يقول (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً) ( ابن تيمية مجموع الفتاوى، ج4، ص 447)،
التدين بين الإيجاب والسلب: وإذا كان الدين كوضع الهي يتصف بالوحدة (على مستوى أصوله)، فان التدين ككسب بشرى يتصف بالتعدد ، حيث يمكن التمييز بين نمطين أساسيين للتدين احدهما ايجابي والأخر سلبي،والأخير(اى التدين السلبي) ليس مرجعه الإسلام كدين ، بل هو محصله عوامل نفسيه واجتماعيه وتربويه وسياسيه واقتصاديه وثقافيه...متفاعلة، مرتبطة بالشروط الذاتية (كشيوع التقليد وظهور البدع..) والموضوعية( كالاستبداد و الاستعمار...) لتخلف النمو الحضاري للمجتمعات المسلمة، هذا التمييز يشمل الأبعاد المتعددة للتدين.
البعد الديني: فالتدين الايجابي هو التدين المحدود تكليفيا بالقيم والقواعد التي جاء بها الوحي، والتي تحدد التدين ككسب انسانى. وتكليفيا بالسنن الإلهية الكلية والنوعية التي تضبط حركه الإنسان. فعلاقة الدين بالتدين الايجابي هي علاقة تحديد وتكامل، اى ان الدين يحدده كما يحدد الكل الجزء فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه.
أما التدين السلبي فهو التدين المطلق ، اى القائم بذاته والمستقل تكليفيا عن القيم والقواعد التي جاء بها الوحي، والتي تحدد التدين ككسب انسانى، وتكوينيا عن السنن الإلهية الكلية والنوعية التي تضبط حركه الإنسان ، فعلاقة الدين بالتدين السلبي هي علاقة إلغاء و تناقض.
البعدين الروحي والمادي: ويقوم التدين الايجابي على أساس ان البعد الروحي للوجود الانسانى ، ومضمونه التطور أو الترقي الروحي للإنسان ، لا يلغى البعد المادي له ، بل يحدده كما يحدد الكل الجزء فيكمله وبغنية. فهو يتحقق عندما تأخذ حركه الإنسان شكل فعل غائي ( ذو ثلاث خطوات :المشكلة، الحل، العمل) محدود (تكوينيا وتكليفيا) بالفعل المطلق (الربوبية) والغاية المطلقة (الإلوهية) ،أي كدح إلى الله بالتعبير القرآني: (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه).
أما التدين السلبي فهو يقوم على تأكيد البعد الروحي للوجود الانسانى، لكنه يطرف في التأكيد لدرجه إلغاء البعد المادي للإنسان ،فيجعل العلاقة بينهما علاقة تناقض وإلغاء.
البعدين الذاتي والموضوعي: كما يقوم التدين الايجابي على أساس ان البعد الذاتي للوجود الانسانى، اى النيات والمقاصد، ، لا يلغى البعد الموضوعي له ،اى السلوك، ،فالعلاقة بينهما هي علاقة تأثير متبادل اتساقا مع جدل المعرفة من الموضوعي (المشكلة التي يطرحها الواقع) إلى الذاتي (الحل الذهني) إلى موضوعي مره أخرى من اجل تغييره (تنفيذ الحل في الواقع بالعمل).
أما التدين السلبي فيقوم إما على التطرف في التأكيد على البعد الذاتي للوجود الانسانى(النية)،لدرجه إلغاء بعده الموضوعي(السلوك)، ومثال له التفسير الخاطئ للحديث (إنما الأعمال بالنيات)باعتباره يفيد ان النية وحدها تكفى كمعيار للتقييم دون العمل،يقول ابن تيميه) لا إيمان إلا بعمل ولا عمل إلا بعقد ومَثَلُ ذلك مَثَلُ العمل الظاهر والباطن أحدهما مرتبط بصاحبه من أعمال القلوب وعمل الجوارح ومثله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنما الأعمال بالنيات } أي لا عمل إلا بعقد وقصد، لأن { إنما } تحقيق للشيء ونفي لما سواه ، فأثبت بذلك عمل الجوارح من المعاملات وعمل القلوب من النيات ، فمثل العمل من الإيمان كمثل الشفتين من اللسان لا يصح الكلام إلا بهما لأن الشفتين تجمع الحروف واللسان يظهر الكلام وفى سقوط أحدهما بطلان الكلام وكذلك فى سقوط العمل ذهاب الإيمان) (مجموع الفتاوى 7 / 334 او يقوم على التطرف في التأكيد على البعد الموضوعي للوجود الانسانى(السلوك)،لدرجه إلغاء بعده الذاتي (النية) ومثاله التدين الشكلي او المظهري.
البعد المنهجي:كما يقوم التدين الايجابي على الوسطية والاعتدال والقوامة في التدين، ورفض الوقوف إلي أحد النقيضين: الغلو في الدين او الجفاء عنه يقول تعالى:"وكذلك جعلناكم أمة وسطاً". "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكانوا بين ذلك قواماً"..
أما التدين السلبي فيقوم إما على الغلو في الدين او الجفاء عنه، و كلاهما يلتقيان في المحصلة(عدم الالتزام بضوابط الدين سواء بتجاوزها او التقصير في الالتزام بها )، يقول ابن القيم ( ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط وإضاعة، وإما إلى إفراط وغلو، ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين الجبلين، والهدى بين الضلالتين، والوسط بين طرفين ذميمين) ( مدارج السالكين: 2/496).
البعدين الايمانى والعملي: كما يقوم التدين الايجابي على أساس ان العلاقة بين الإيمان والعمل، هي علاقة وحدة( لا خلط كما عند الخوارج)، وتمييز (لا فصل كما عند المرجئة). يقول ابن القيم الفوائد ص 117 (الإيمان له ظاهر وباطن، وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته فلا ينفع ظاهر لا باطن له وان حقن به الدماء وعصم به المال والذرية. ولا يجزىء باطن لا ظاهر له إلا إذا تعذر بعجز أو إكراه وخوف هلاك فتخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع دليل علي فساد الباطن وخلوه من الإيمان ونقصه دليل نقصه.(
أما التدين السلبي فيقوم إما على التطرف في التوحيد بين الإيمان والعمل( كما عند الخوارج)،او التطرف في الفصل بين الإيمان والعمل(كما عند المرجئة)، يقول ابن تيميه ( الثالث : ظنهم- اى المرجئة - أن الإيمان الذي في القلب يكون تاما بدون شيء من الأعمال ولهذا يجعلون الأعمال ثمرة الإيمان ومقتضاه بمنزلة السبب مع المسبب ولا يجعلونها لازمة له ; والتحقيق أن إيمان القلب التام يستلزم العمل الظاهر بحسبه لا محالة ويمتنع أن يقوم بالقلب إيمان تام بدون عمل ظاهر ; ولهذا صاروا يقدرون مسائل يمتنع وقوعها لعدم تحقق الارتباط الذي بين البدن والقلب مثل أن يقولوا : رجل في قلبه من الإيمان مثل ما في قلب أبي بكر وعمر وهو لا يسجد لله سجدة ولا يصوم رمضان ...) (الفتاوى ، ج 7، ص 204 (.
الأبعاد السلوكية والوجدانية والمعرفية:ويقوم التدين الايجابي على أساس شمول التدين لأبعاد الإنسان المتعددة (السلوكية والمعرفية والوجدانية)، بينما التدين السلبي يكون مقصورا على احد هذه الأبعاد و قاصر عن باقي الأبعاد ، فيستغني به عنها .
انماط التدين: كما يمكن التمييز بين انماط متعددة فرعيه للتدين، تندرج تحت إطار التدين السلبي، ما لم يتم تقويمها تكليفيا بتقييدها بقيم وقواعد الدين ، وتكوينيا بتقييدها بالسنن الالهيه التي تضبط حركه الإنسان كما سبق ذكره،ومن هذه الأنماط:
التدين المعرفي: وهو التدين المقصور على المعرفة بقيم وقواعد الدين.
التدين الوجداني: وهو التدين المقصور على العاطفة الدينية، القاصر عن معرفة قيم وقواعد الدين، والسلوك الملتزم بهما.
التدين السلوكي: وهو التدين المقصور على السلوك، القاصر عن العاطفة الدينية و معرفة قيم وقواعد الدين، فيستغني بالأول عن الأخيرين.
التدين التظاهري: هو التظاهر بالتدين، دون التزام حقيقي بالدين، لتحقيق أهداف نفعيه. ومن أشكاله الاتجار بالدين، وهو أفه تصيب التدين ككسب بشرى فتقضى عليه او تكاد ، ولا صله لها بالدين كوضع الهي ، بل مرفوضة منه، قال تعالى
ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا..) ( المائدة: 44 ). وللاتجار بالدين أشكال متعددة منها الاستغلال السياسي للدين،والذي يتمثل في جعل الغاية من النشاط السياسي هي الدولة – السلطة، والوسيلة هي الدين. و منها الاستغلال الاقتصادي للدين، والذي يتمثل في جعل الغاية من النشاط الاقتصادي هو الربح والوسيلة هي الدين، ومنها الكهنوتية او فئة رجال الدين، ومضمونها إسناد السلطة الدينية أو الروحية إلى فرد أو فئة، تنفرد بها دون الجماعة،وهى مرفوضة في الإسلام لأنه يسند هذه السلطة للجماعة(الشعب)، بموجب مفهوم الاستخلاف. لان السلطة الدينية (الروحية) (التي عبر عنها القران بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) مخوله فيه بموجب الاستخلاف العام للجماعة ﴿ كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ﴾.
التدين التفاعلي: وهنا يكون التدين رد فعل على أسلوب حياه سابق مناقض لقيم وقواعد الدين،ومن ثم التحول المفاجئ من النقيض(عدم التدين) إلى النقيض(التدين الشديد)، نتيجة لحدث او موقف معين ، ونتيجة لذلك فانه يتسم بالغلو والتشدد الذى يلزم منه تجاوز ضوابط الدين ذاته ،ما لم ينتقل من حاله رد فعل إلى حاله الفعل المحدود بقيم وقواعد الدين .
التدين الدفاعي: وهنا يكون التدين دفاعا ضد انفعالات سالبه تسيطر علي الشخص مثل الخوف أو القلق أو الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير أو القهر والإحباط... ومحاوله للتخلص منها،وهناك علاقة طرديه بين درجه سيطرة هذه الانفعالات على الشخص ودرجه التدين فكلما زادت درجه هذه الانفعالات كلما زادت درجه تدين الشخص ، وهذا النمط من التدين يدل على أن التدين دفاع نفسي صحي ، ولكن بشرط أن يكون في الوقت المناسب، وبطريقة منهجية مناسبة.
التدين كآلية للمعالجة الذهنية: قد يلجا الشخص إلى التدين لتخفيف حدة التدهور المرضى الذهني، وفى حاله فوات الوقت على معالجه هذا التدهور، قد تظهر أعراض المرض العقلي المعين مصطبغة ببعض المفاهيم شبه الدينية الخاطئة، فيعتقد المريض أنه ولي أو نبي أو المهدي المنتظر...و على الرغم من فشل هذه المحاولة ، ألا أنها دليل على دور التدين في المحافظة على الصحة العقلية في حاله التبكير في معالجه الأمراض العقلية.
التدين المتطرف(الغلو): وهو المبالغة والتشدد في التدين التي يلزم منها تجاوز ضوابط الدين ذاته ، يقول الحافظ ابن حجر (الغلو المبالغة في الشيء والتشديد فيه بتجاوز الحد)، فالتطرف إذا متعلق بالتدين ككسب بشرى ، ولا يتعلق بالدين كوضع الهي، لذا نفضل استخدام مصطلح تطرف تديني وليس تطرف ديني، لان الأخير يوحى بنسبه التطرف إلى الدين وقد وردت العديد من الادله التي تفيد النهى عن التطرف في التدين او الغلو فى الدين : قال تعالى:﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾ (المائدة: 66).و قال (صلى الله عليه وسلم) (يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فانه أهلك من قبلكم الغلو في الدين) (رواه أحمد والنسائي وابن ماجه).وقد تناول العلماء أقسام التطرف في التدين المتعددة التي يمكن إجمالها في الاتى:
الغلو الاعتقادى: هو المبالغة في العقائد التي يلزم منها تجاوز ضوابط الدين ، ومن أمثلته غلو الخوارج في التكفير، وغلو الشيعة في حب أل البيت....
الغلو العملي السلوكي: هو التشدد في العمل (السلوك) والذي يلزم من تجاوز ضوابط الدين ، وينقسم إلى قسمين:
الاول:الغلو في سلوك الفرد ذاته: وهو تشديد المسلم على نفسه في عمل طاعة من غير ورود الشرع بذلك .
الثاني:الغلو في الموقف من سلوك الآخرين: وهو تشدد المسلم في حكمه على عمل (سلوك)غيره من المسلمين ، ويتدرج من التشدد القولى إلى العملي:ومن مظاهره: الغلظة في الأسلوب، والفظاظة في التعامل بخلاف قوله تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك﴾.واستخدام القوه والعنف لتحقيق الغايات بخلاف قوله تعالى﴿ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم﴾.وإلزام الناس بالعزائم والتشديد بخلاف قوله(ص) َقَال: " اكَلُفوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيُقون" (البخاري،الرقاق،6100.( و سوء الظن بالناس بخلاف قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا أجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم﴾. و تكفير المسلمين بخلاف قوله تعالى ﴿ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمناً تبغون عرض الحياة الدنيا ….﴾.واباحه دمائهم بخلاف قوله تعالى ﴿ من يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾...
نقد التدين السلبي عند الشيخ محمد الغزالي:وقد أشار الشيخ محمد الغزالي رحمه الله إلى احد انماط التدين السلبي اسماه التدين المغشوش في مقال له بنفس الاسم نشر عام 1982حيث يقول فيه ( للتدين المنحرف أسباب نفسية وأخرى عملية ، تظهر في أقوال المرء وأفعاله ،وتلخص فيما يصدره من أحكام على الأشخاص والأشياء ،وتتفاوت هذه الأسباب قوة وضعفا وقلة وكثرة ،ولكنها على أي حال ذات أثر عميق في تحديد المواقف والاتجاهات ،والمفروض في العبادات التي شرعها الله للناس أن تزكي السرائر وتقيها العلل الباطنة والظاهرة وتعصم السلوك الإنساني من العوج والإسفاف والجور والاعتساف ،وكان هذا يتم لو أن العابدين تجاوزوا صور الطاعات إلى حقائقها ! وسجدت ضمائرهم وبصائرهم لله عندما تسجد جوارحهم ، وتتحرك أنفس ما في كيانهم – وهو القلب واللب - عندما تتحرك ألسنتهم .إذا ما وقفت العبادات عند القشور الظاهرة والسطوح المزورة فإنها لا ترفع خسيسة ولا تشفي سقاما( .. .
انماط التدين السلبي عند المفكر الاسلامى المغربي أحمد الريسوني:كما تحدث المفكر الاسلامى المغربي الدكتور أحمد الريسوني عن ثلاثة انماط للتدين السلبي، النمط الاول هو التدين الشكلي، الذى عبر عنه بمصطلح التدين المغشوش،ويعرفه بأنه(الاعتناء بالظاهر مع إهمال الباطن ، بمعنى أن المتدين يعتني في تدينه بتحسين الأعمال والصفات الظاهرة والمرئية والملموسة، ويحرص على الالتزام بأحكام الشرع وآدابه فيها، بينما لا يبالي بعكسها مما لا يراه الناس ولا يظهر للعيان)
والنمط الثاني هو ما اسماه التدين المعكوس،و يعرفه بأنه( ذلك التدين الذي يَقْلب أصحابُه مراتبَ الشرع وقيمه ومقاصده وأولوياته، فيتشددون ويبالغون فيما خففه الشرع، أو لم يطلبه أصلا، ويهملون ويضيعون ما قدمه وعظمه. فتجد من الحرص والتزاحم على صلاة التراويح، وعلى تقبيل الحجر الأسود، ما لا تجده في فرائض الدين وأركانه.وتجد الإنفاق والإغداق في الولائم والضيافات والعمرة، مع تضييع فرائض الزكاة وحقوق الشركاء والأقارب والفقراء والمستخدمين ...".
والنمط الثالث هو التدين الذى يقوم على الإلزام الموضوعي لا الالتزام الذاتي، واسماه التدين المحروس، ويعرفه بأنه (التدين الذي لا يلتزم به أصحابه بواجباتهم، إلا بالمراقبة والمطالبة والملاحقة، ولو تُركوا لتَركوا. فهم ممن يصدق فيهم قول الله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا) (آل عمران :75).
- للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان
http://drsabrikhalil.wordpress.com) ).