صبرى محمد خليل خيرى
المساهمات : 112 تاريخ التسجيل : 08/05/2011
| موضوع: ظاهره الاتجار بالدين من منظور نقدي إسلامي الإثنين يوليو 11, 2011 11:22 pm | |
| ظاهره الاتجار بالدين من منظور نقدي إسلامي د.صبري محمد خليل/أستاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم sabri.khalil@hotmail.com تمهيد: ظاهره الاتجار بالدين هي أفه تصيب التدين ككسب بشرى فتقضى عليه او تكاد ، ولا صله لها بالدين كوضع الهي ، بل مرفوضة منه كما سنوضح ، و إلغاء هذه الظاهرة السالبة إنما يتم من خلال تقديم الفهم الصحيح للدين ، وليس بإلغاء الدين ذاته او فصله عن المجتمع ونشاطاته السياسية والاقتصادية والتعليمية... كما ترى تيارات التغريب ، والتي لا تميز في تناولها لهذه الظاهرة بين الدين والتدين . النهى عن الاتجار بالدين: أولا: في القران الكريم: قال تعالى: (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون..) (المائدة:44). (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ) (البقرة:79). (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الاخره ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم) (آل عمران ). (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون(. (ان الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم). (وإذا اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون). (وان من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل إليكم وما انزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم ان الله سريع الحساب). (اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله أنهم ساء ما كانوا يعملون). ثانيا: في التفاسير: يقول ابن كثير في تفسير الايه95 من سوره النحل ( " وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّه ثَمَنًا قَلِيلًا " أَيْ لَا تَعْتَاضُوا عَنْ الْإِيمَان بِاَللَّهِ عَرَض الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا فَإِنَّهَا قَلِيلَة لَوْ حِيزَتْ لِابْنِ آدَم الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا لَكَانَ مَا عِنْد اللَّه هُوَ خَيْر لَهُ ; أَيْ جَزَاء اللَّه وَثَوَابه خَيْر لِمَنْ رَجَاهُ وَآمَنَ بِهِ وَطَلَبَهُ وَحَفِظَ عَهْده رَجَاء مَوْعُوده وَلِهَذَا قَالَ " إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ " ) ويقول الطبري في تفسير الايه(: { وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّه ثَمَنًا قَلِيلًا ...} يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَنْقُضُوا عُهُودكُمْ أَيّهَا النَّاس وَعُقُودكُمْ الَّتِي عَاقَدُّتمُوهَا مِنْ عَاقَدْتُمْ مُؤَكِّدِيهَا بِأَيْمَانِكُمْ , تَطْلُبُونَ بِنَقْضِكُمْ ذَلِكَ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا قَلِيلًا ; وَلَكِنْ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّه الَّذِي أَمَرَكُمْ بِالْوَفَاءِ بِهِ يَثِبكُمْ اللَّه عَلَى الْوَفَاء بِهِ ...) ويقول في تفسير الايه 44 من سوره المائدة ( : { وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا } يَقُول : وَلَا تَأْخُذُوا بِتَرْكِ الْحُكْم بِآيَاتِ كِتَابِي الَّذِي أَنْزَلْته عَلَى مُوسَى أَيّهَا الْأَحْبَار عِوَضًا خَسِيسًا , وَذَلِكَ هُوَ الثَّمَن الْقَلِيل . وَإِنَّمَا أَرَادَ تَعَالَى ذِكْره نَهْيهمْ عَنْ أَكْل السُّحْت عَلَى تَحْرِيفهمْ كِتَاب اللَّه وَتَغْيِيرهمْ حُكْمه عَمَّا حَكَمَ بِهِ فِي الزَّانِيَيْنِ الْمُحْصَنَيْنِ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام الَّتِي بَدَّلُوهَا , طَلَبًا مِنْهُمْ لِلرُّشَا... ) ثالثا:في السنة النبوية: عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تعلم علماً لغير الله، أو أراد به غير الله، فليتبوأ مقعده من النار) ( رواه الترمذي). وأخرج ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق [57 /5] بسنده عن عطية بن قيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تبارك وتعالى { وعلم آدم الأسماء كلها } (قال علمه منها أسامي ألف حرفة من الحرف، قال يا آدم قل لولدك إن لم تصبروا عن الدنيا ،فاطلبوها بهذه الحرف ولا تطلبوها بالدين )،الديلمي في مسند الفردوس (3/42)، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال [10 /206رقم29091]، وعزاه للحاكم في تاريخه) رابعا: في أقوال السلف: قال عليّ رضي الله عنه(الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق... ثم تنفس الصعداء وقال: هاه، إن هاهنا علماً جماً، لو وجدتُ له حملة، بل أجدُ طالباً غير مأمون، يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا، ويستطيل بنعم الله على أوليائه، ويستظهر بحجته على خلقه...). وقال ابن مسعود رضي الله عنه(سيأتي على الناس زمان تملح فيه عذوبة القلوب، فلا ينفع بالعلم يومئذ عالمه ولا متعلمة... وذلك إذا مالت قلوب العلماء إلى حب الدنيا وإيثارها على الآخرة، فعند ذلك يسلبها الله تعالى ينابيع الحكمة، ويطفئ مصابيح الهدى من قلوبهم، فيخبرك عالمهم حتى تلقاه أنه يخشى الله بلسانه، والفجور ظاهر في عمله...). وقال ابن عباس رضي الله عنهما (علماء هذه الأمة رجلان: رجل آتاه علماً فبذله للناس، ولم يأخذ عليه طمعاً، ولم يشتر به ثمناً، فذلك يصلي عليه طير السماء، وحيتان الماء، ودواب الأرض، والكرام الكاتبون... ورجل آتاه الله علماً في الدنيا فضنَّ به على عباد الله، وأخذ عليه طمعاً، واشترى به ثمناً، فذلك يأتي يوم القيامة ملجماً بلجام من نار). وعن جعفر عن محمد عن أبيه (إن الله تبارك وتعالى أنزل كتاباً من كتبه على نبي من أنبيائه وفيه أنه يكون خلق من خلقي يلحسون الدنيا بالدين، يلبسون مسوك الضأن على قلوب كقلوب الذئاب أشد مرارة من الصبر وألسنتهم أحلى من العسل، وأعمالهم الباطنة أنتن من الجيف، أفبي يغترون أم إياي يخادعون، أم عليّ يجترئون فبعزتي حلفت لأتيحن لهم فتنة تطأ في خطامها حتى تبلغ أطراف الأرض تترك الحليم منهم حيراناً). وقال الحسن البصري رحمه الله(عقوبة العلماء موت القلب، وموت القلب طلب الدنيا بعمل الآخرة). وقال الحافظ الذهبي (... فقد كان السلف يطلبون العلم لله فنبُلوا، وصاروا أئمة يُقتدى بهم.... وقوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا، وليُثنى عليهم، فلهم ما نووا ...). من أشكال الاتجار بالدين: الاستغلال السياسي للدين : ومن أشكال الاتجار بالدين الاستغلال السياسي للدين،والذي يتمثل في جعل الغاية من النشاط السياسي هي الدولة – السلطة، والوسيلة هي الدين. ولا نعنى برفضنا لذلك أننا ندعو إلى فصل الدين عن الدولة والسياسة ، بل ندعو إلى جعل الدين هو الأصل والسياسة هي الفرع، اى ان يكون الدين بالنسبة للنشاط السياسي بمثابة الكل للجزء يحده فيكمله ولكن لا يلغيه . كما يتمثل في تحول بعض الأحزاب الاسلاميه إلى أحزاب ذات شكل ليبرالي، و التي هي المعادل السياسي للنظام الرأسمالي القائم على المنافسة الحرة من اجل الربح، ولا نعنى برفضنا لذلك أننا ندعو إلى الاستبداد، بل تخليص الديمقراطية من حيث هي نظام فني لضمان سلطة الشعب ضد استبداد الحكام من الليبرالية ذاتها(أي من الرأسمالية والفردية والعلمانية....) وذلك بالديمقراطية ذاتها لا بإلغاء الديمقراطية. الاستغلال الاقتصادي للدين: وأيضا من أشكال الاتجار بالدين الاستغلال الاقتصادي للدين، والذي يتمثل في جعل الغاية من النشاط الاقتصادي هو الربح والوسيلة هي الدين، ولا نعنى برفضنا لذلك أننا ندعو إلى فصل الدين عن الاقتصاد ، بل ندعو إلى جعل الدين هو الأصل ، والاقتصاد هو الفرع،اى ان يكون الدين بالنسبة للنشاط الاقتصادي بمثابة الكل للجزء يحده فيكمله ولكن لا يلغيه. وقد ساهم في شيوع هذا الاستغلال الاقتصادي للدين في المجتمعات المسلمة ان هذه المجتمعات قد طبقت النظام الرأسمالي القائم على المنافسة الحرة من اجل الربح ،بدرجات متفاوتة،وتحت مسميات عده منها الإصلاح الاقتصادي والانفتاح والخصخصة وتطوير القطاع العام... بالاضافه إلى ما سبق فان النظام الراسمالى بحكم طبيعته نظام استغلالي، ولا يمكن لاى إنسان في ظل الراسماليه إلا إن يكون طرفا في علاقة استغلالية مستغلا أو ضحية استغلال بشكل مباشر أو غير مباشر ،إزاء هذا لا تجدي النصائح والوعظ المثالي وحسن النية، بل أن حسنى النية هم ضحايا جاهزة للاستغلال، وهنا يشيع استخدام الدين كاداه للاستغلال. غير ان الأمر لا يتوقف هنا عند حد الدين، حيث ان إن علاقات الإنتاج في ظل هذا النظام الاقتصادي تصبح مصدر للفردية(الانانيه)، التي تتحول من خلال أطرادها إلى قيمه اجتماعيه، تفسد عن طريق عن العدوى بالتفاعل باقي القيم الحضارية للشخصية المسلمة، في كافه مناحي الحياة، فيتحول العلم والفكر والتعليم والصحة... إلى تجاره.ولا يمكن إلغاء هذه القيم السلبية ، والتي توفر تمهد الطريق أمام الاتجار بالدين وغيره ، إلا باتخاذ موقف نقدي من هذا النظام الاقتصادي الذى يفرزهذه القيم السلبية، والعمل على اقامه نظام اقتصادي يعبر عن القيم الحضارية للشخصية المسلمة، و يهدف إلى تحقيق مصلحه المجتمع ككل. الكهنوتية: ومن أشكال الاتجار بالدين الكهنوتية او فئة رجال الدين، ومضمونها إسناد السلطة الدينية أو الروحية إلى فرد أو فئة، تنفرد بها دون الجماعة. وهى مرفوضة في الإسلام، قال تعالى(واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله )، الأكثرون من المفسرين قالوا ليس المراد من الأرباب أنهم اعتقدوا أنهم آلهة العالم ،بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم، وإذا كان رفض الليبرالية للكهنوتية وفئة رجال الدين أدى بها إلى الدعوة إلى فصل السلطة الدينية (الروحية) عن السلطة السياسية، فان رفض الإسلام للكنهوتيه أدى به إلى إسناده لكل من السلطتين للشعب – الجماعة بموجب مفهوم الاستخلاف، فالسلطة الدينية (الروحية) (التي عبر عنها القران بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) مخوله بموجب الاستخلاف العام للجماعة﴿ كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ﴾،لذا فان في الإسلام علماء بالدين وليس به رجال دين،والفارق بين المصطلحين ان المصطلح الاول يفيد التخصص، بينما الثانى يفيد الانفراد، ،وليس هناك وسيط بين الإنسان وخالفه (وإذا ساْلك عبادي عنى فاني قريب أجيب دعوه الداعي إذا دعاني).والسلطة السياسية التي عبر عنها القران بمفهوم الأمر مخوله بموجب الاستخلاف العام أيضا للجماعة(وأمرهم شورى بينهم) ، أما الحاكم فنائب ووكيل عنها لها حق تعيينه ومراقبته وعزله ، يعرف الماوردي البيعة بأنها ( عقد مرضاة واختيار لا يدخله اكراة ولا إجبار)(الأحكام السلطانية، ص 7 ).ويقول أبو يعلي أن الخليفة ( وكيل للمسلمين ). كما ان التصور الإسلامي الصحيح للعلاقة بين السلطتين يقوم على أنها علاقة وحدة (لا خلط)، بالتالي يقوم على القول بدينيه التشريع وليس السلطة كما في الثيوقراطيه. وتمييز (لا فصل)، وبالتالي يقوم على القول بمدنيه السلطة وليس التشريع كما في العلمانية. قضيه اباحه أخذ الأجر على العلاج بالقران الكريم بين الإطلاق والتقييد: الطب الاسلامى هو شكل من أشكال الطب الشامل comprehensive Medicine الذي يجمع بين العلاج المادي الذي يقدمه علم الطب،والعلاج الروحي الذي يقدمه القران،وان الأخير هو شكل من أشكال الطب المكمل Medicine Complementary اى الذي يُستخدم مع علم الطب أي يكمله وليس شكل من أشكال الطب البديل Alternative Medicine اى الذي يستخدم مكان علم الطب أي كبديل عنه. .وهناك مذهب يقول بالاباحه المطلقة لأخذ الأجر على العلاج بالقران الكريم استنادا إلى الحديث (إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ). غير ان هذا المذهب فيما نرى قد بفتح الباب أمام شكل آخر من أشكال الاتجار بالدين، هذا فضلا عن أن الحديث لا يدل على الاباحه المطلقة، بل الاباحه المقيدة بضوابط تشير إليها نصوص أخرى،وهو الأمر الذي أشار له كثير من العلماء منها: • أن تكون الأجرة بشرط الشفاء، يقول ابن تيميـة ( وكان الْجُعْل على عافيةِ مريض القوم لا على التلاوة ) (مجموع الفتاوى 18 / 128 ) ، وقـال - أيضاً - : ( فإن الْجُعل كان على الشفاء لا على القراءة ) ( مجموع الفتاوى 20 / 507 • عدم اتخاذ العلاج بالقران كحرفه ، إذ لم يعرف ذلك عن السلف ،وحديث أبي سعيد ألخدري وقع في الروايات الصحيحة الثابتة الدلالة على أن الذي رقى هو أبو سعيد الخدري إما تصريحا وإما بالتورية . لم يصبح أبو سعيد رضي الله عنه يرقى الناس بعد ذلك واتخذ ذلك خاصا به يقصده الناس لأجله ولا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. • يترتب على ما سبق عدم جواز تحديد اجر مسبق و ثابت ، وجواز اخذ ما يدفعه المعالج برضاه وحسب سعته. - للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com) ) | |
|