في الزنزانة وحدي .. قصيدة شعرية لأحمد أراجه

» في الزنزانة وحدي «

نبذة عن القصيدة
حين تشتد عليك الأمور في المعتقل , ويلتف القهر من حولك بكل أشكاله الإنتقامية الحاقدة ..
تصبح الزنزانة برغم ضيق آفاقها ونتانة جدرانها وشدة ظلامها مجلسَ حوار مع أخوة النضال ..
ومرتعاً للعب مع أطفالك الصغار ومشفى لجراحك حيث يعودك كل الأهل والأحباب ..
وخط بداية للإنطلاق نحو مزيد من الأحلام ..
عندها تتغير هناك كل الأشياء وينفرج المكان وتصبح على قلبك برداً وسلام ..!!!



« في الزنزانة وحدي »
تحت الأرضِ..
في الأقبية العفنة..
مكثت سنيناً مسجوناً..
في الغرف الضيقة كثيراً ..
جداً .. جداً ..
مثل القبر ..
أخبرني الجلاد مراراً ..
وحدي ..
في هذي الزنزانةِ
سأقضي العمر ..

***

في العتمة حملقتُ طويلاً ..
فأتتني كلُّ الأفكار ..
تتوالد في ذاتِ العتمةِ ..
كشعاع النور ...
***
في الوحدة ..
ماكنت وحيداً ..
كنت سعيداً ..
تؤنسني .. أحلام النصر ..
حضر الكلُّ فيِ ذاكرتي ..
كانوا الإخوةَ .. والأخوات ..
في الزنزانة المنفردة ..
كانت تزدحمُ الأصوات ..
كنا جميعاً نتسامر ..
ثم بدأنا نتحاور
وانهارت جدران السجن ...
لماّ صرنا نتشاور ..
عن يومِ النصر ...

***

لن تقتلني الوِحْدة أبداً ..
خاب ظنك يا جلادي ..
كل الأخوةِ ها هم عندي ..
في صورتهم أقرأ دربي ...
باركوا جرحي ...
سهروا قربي .. أرواحاً ...

***

حتى أطفالي ...
ركضوا إليّ يبتسمون ..
يفتخرون ...
داعبوا وجهي بالقبلات
غنينا كلَّ الغنوات
وتعاركنا .. وتمازحنا
برغم الصمتِ ..
برغم الليلِ
يتمزق جسدُ الظلمة
في تلك الحجرات ..
دوماً كانت تؤُنسني
تلك الضحكات ..
من أطفالي
من كلِ الأخوةِ .. والأخوات ..

***

كان خيالاً
أحيا فيه .. مثل الواقع ..
كان هذا .. حديثَ النفسِ ..
حديثاً رائع ..

***

لن تقتلني الوِحْدة يوماً
خاب ظنك ياجلادي
فبرغم العتْمة من حولي
ينبثق النور ..

***

في الوحدة ماكنتُ وحيداً
كانتْ أشرعة المركب
تخرجُ من بحر الظلمات
كتبتُ فوق سواريها
أبهى الكلمات ...

شعر أحمد أراجه - سورية