منتدى الثقافة العربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


موقع الحوار
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مفهوم الاغلبيه فى الفكر السياسى المقارن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صبرى محمد خليل خيرى




المساهمات : 112
تاريخ التسجيل : 08/05/2011

مفهوم الاغلبيه فى الفكر السياسى المقارن Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم الاغلبيه فى الفكر السياسى المقارن   مفهوم الاغلبيه فى الفكر السياسى المقارن I_icon_minitimeالجمعة يونيو 24, 2011 2:49 am

مفهوم الاغلبيه فى الفكر السياسى المقارن
د.صبري محمد خليل/استاذ الفلسفه بجامعه الخرطومsabri.khalil@hotmail.com
تعددت المواقف من مفهوم الاغلبيه الذى يكمن خلف اى مفهوم ديمقراطي .
أولا: القبول المطلق:
المفهوم الليبرالي الاغلبيه : تستند الليبرالية كمنهج إلي فكره القانون الطبيعي، ومضمونها( أن مصلحه المجتمع ككل، تتحقق حتما من خلال عمل كل فرد فيه على تحقيق مصلحته الخاصة).وتطبيقا لهذا المنهج فان الفلسفة السياسية الليبرالية تقوم على إسناد السلطة والسيادة(السلطة المطلقة)- وكذا التشريع(حق وضع القواعد القانونية المطلقة) والتقنين، وملكيه المال (حق التصرف المطلق في المال)والانتفاع به - للشعب. أما على مستوى المذاهب النظم والأشكال الفنية السياسية فان الليبرالية تستند إلى الديمقراطية الليبرالية ألقائمه على انه : ما دام الناس قد ولدوا أحرارا فلهم ان يحتاروا النظام القانوني الذى بريد(الاستقلال السياسي)، ولهم ان يعبروا عن هذا الاختيار تعبيرا حرا سريا (الاستفتاء)، فإذا كانوا من الكثرة بحيث لا يستطيعون ان يقولوا جميعا ما يريدون فليختاروا من بتحدث باسمهم وينوب عنهم في التعبير عن ارداتهم (التمثيل النيابي )، وعندما يختلفون لا يكون ثمة إلا ان يؤخذ براى الاغلبيه احتراما للمساواة بينهم (حكم الاغلبيه)، على ان يكون للاقليه الحق في التعبير عن رأيها احتراما للمساوه ذاتها(حرية المعارضة)...
تقويم: لا مجال لنقد الديمقراطية من حيث هي نظام فني لضمان سلطه الشعب ضد استبداد الحكام ،او مفهوم الاغلبيه الذى يكمن خلف اى مفهوم ديمقراطي . لكن النقد ينصب على الأساس الفكري الليبرالي للديموقراطيه الاغلبيه. حيث أنها جعلت الشعب او أغلبيته مصدرا للسيادة(السلطة المطلقة) و التشريع(حق وضع القواعد القانونية المطلقة) والملكية(حق التصرف المطلق في المال) ، اى قبلت مفهوم الاغلبيه قبولا مطلقا . كما ان هناك تناقض بين الأساس الفردي لليبراليه والأساس الجماعي للديمقراطية و الاغلبيه التي تكمن خلف اى مفهوم ديمقراطي. بالاضافه إلى هذا فانه إذا كان مفهوم الاغلبيه يتضمن بالضرورة تحديدا للاقليه فان الديموقراطيه الليبراليه إذ تحرر الشعب من استبداد الحاكمين ، لا تضمن عدم استبداد اقليه من الرأسماليين فيه، لان النظام الراسمالى هو النظام الليبرالي في الاقتصاد، فالديمقراطية الليبراليه إذ تضمن ان تحتفظ للشعب بسلطته في مواجهه الحاكمين ،تأتى الليبراليه - ممثله في نظامها الاقتصادي اى فالراسماليه- فلا تضمن ان تسلب اقليه من الرأسماليين الشعب سلطته ( د.عصمت سيف الدولة، النظرية ، ج2، ص197-198 )
ثانيا: الرفض المطلق:
الماركسية: تناولت الماركسية المفاهيم السياسية كالدولة و الديمقراطية الاغلبيه طبقا للمنهج المادي الجدلي والمادية التاريخية التي هي محصله تطبيقه على التاريخ،والتي مضمونها أن البنية الفوقية (الفن والفلسفة والأخلاق والنظم السياسية ) مجرد عاكس للتطور الجدلي الحادث في البنية التحتية (أسلوب الإنتاج الذي يضم النقيضين أدوات الإنتاج وعلاقات الإنتاج ) . وهو ما يعبر عن نفسه في صورة صراع طبقي بين الطبقة التي تمثل أدوات الإنتاج والتي تمثل علاقات الإنتاج. وهذا التطور يتم عبر أطوار هي الشيوعية البدائية فالعبودية فالإقطاع فالراسماليه فالشيوعية العلمية وأولى مراحلها الاشتراكية .والدولة والقانون وجهان لعمله واحده، فمن حيث الأسس كلاهما ينتميان إلى البناء الفوقي ،ويعكسان القاعدة المادية ويتطوران معها ،ومن حيث الوظيفة يؤديان معا وظيفة واحده، القانون يأمر والدولة تنفذ ،و من حيث الطبيعة كلاهما أداه ردع طبقي ،فالقانون ليس إلا أداه للصراع الطبقي، وكل دوله هي قوه خاصة لردع الطبقة المقهورة، ومن حيث النشاْه كانا وليدي مرحله تاريخية معينه(ظهور الملكية الخاصة في الطور العبودى)، ومن حيث المصير سينتهي وجودهما معا في الطور الشيوعي العلمي.والدولة والقانون في دوله البروليتاريا –مرحله انتقالية بين فالراسماليه والشيوعية-أداه قهر طبقي تمارس بها البروليتاريا سيطرتها على الطبقة البرجوازية. أما كيف تتحدد مصلحه البروليتاريا فاستنادا إلى المادية فان مصلحه البروليتاريا محدده ماديا وموضوعيا سواء كانوا واعين بها أم لا ،وإذا كانوا غير واعين بها فان هذا لا يعنى أنها ليست مصلحتهم الحقيقية بل أن لطليعتهم (الحزب الشيوعي) أن توعيهم بها..
في الفكر السياسي الاسلامى:هناك مذهب في الفكر الاسلامى يقوم أيضا على الرفض المطلق لمفهوم الاغلبيه استنادا إلى عدد من الحجج أهمها:
الحجة الأولى : يلتقي هذا المذهب مع المذهب المذكور أعلاه في رفض مفهوم الاغلبيه استنادا إلى حجه مضمونها أن رأي الأغلبية قد يكون خطا، وهو صحيح ، إذ ترجيح رأي الأغلبية ليس لان ما تراه الأغلبية هو الرأي الصحيح ، فالصحيح هو ما يطابق الحقيقة، والحقيقة ذات وجود موضوعي غير متوقف علي وعي الناس، فلا وعي الأغلبية ولا وعي الأقلية دليل علي صحة أرائهم ، وفي هذا يستوون ، إنما يرجح رأي الأغلبية بحكم المساواة بين البشر والحفاظ علي وحدة المجتمع ، إذ أن الأغلبية لا تتعدد ،وتتعدد الأقليات في مجتمع واحد حينئذ لن يكون بين الأقليات مرجع فلا تبقي ملتئمة إلا مكرهة وهي حرب تمزق المجتمع الواحد ، ثم انه بحكم المساواة بين البشر والحفاظ على وحدة المجتمع الذي يبرر ترجيح رأي الأغلبية تبقى للأقلية حرية المعارضة والنقد والدعوة إلى رأيها وإقناع الناس بصحته بأدلة قد تستقيها من أثار ممارسة الأغلبية ... إلى أن تحصل لرأيها على الأغلبية فيصبح الحكم لها بعد أن كان عليها(د. عصمت سيف الدولة، عن العروبة والإسلام، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1986) يقول الشيخ محمد رشيد رضا (....ومنه يعلم أن ما شرعة الله من العمل برأي الأكثرية فسببه أنه هو الأمثل في الأمور العامة لا لأنهم معصومون منها ). كما أن الممارسة السياسية في ظل ترجيح رأى الاغلبيه قد تكون مصحوبة بأخطاء كثيرة، لكن هذه الأخطاء نردها إلى التخلف الثقافي والعلمي والسباسى. وحل هذه المشكلة ليس بإلغاء رأى الاغلبيه وفرض وصاية فرد او فئة (اقليه)، إذ هو استكبار ذمة القران "وما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"، ولكن بمزيد من الممارسة حتى يتعلم الناس كيف يحلون مشاكلهم .يقول سيد قطب( ولكن الإسلام كان ينشي أمة ويربيها ويعدها لقيادة البشرية ، وكان الله يعلم أن خير وسيلة لتربية الأمم وإعدادها للقيادة الرشيدة أن تربي بالشورى ،وان تدرب على حمل التبعة ،وان تخطي مهما يكن الخطا جسيماً ، وذا نتائج مريرة لتعرف كيف تصحح خطاها، فهي لا تعلم الصواب إلا إذا زاولت الخطأ، والخسائر لا تهم إذا كانت الحصيلة امة مدربة، واختصار الأخطاء والعثرات في حياة الأمة ليس في شيء من الكسب لها إذا كانت نتيجة إن تظل هذه الأمة قاصرة كالطفل تحت الوصاية، ولكنها تخسر نفسها ووجودها وتخسر تربيتها وتخسر تدريبها على الحياة الواقعية كالطفل الذي يمنع من مزاولة المشي مثلا لتوفير العثرات والخبطات ، أو توفير الحذاء) (سيد قطب, في ظلال القرآن، مجلد 4، ص 120 ).
الحجة الثانية: أن الرسول (ص) لم يلتزم الأغلبية في أحداث منها صلح الحديبية، حيث أن الصحابة عارضوا هذا الصلح . والرد علي هذه الحجة أن الشورى والتزام رأي الأغلبية يكون في أمور الحياة في التي لم ترد علي فيها قاعدة ملزمه، أما ما جاء فيها قاعدة ملزمة فلا يجوز لأحد أن يخالفها، وليس مباحا الاتفاق علي مخالفتها ، فصلح الحديبية ثابت يقينا أنة تم بوحي من الله وأدلة ذالك :
أ- بروك ناقة الرسول(صلى الله عليه وسلم) قبل الوصول إلى مكة وقولة (صلى الله عليه وسلم) "لقد حبسها حابس الفيل" .
ب- قولة (صلى الله عليه وسلم ) لعمر " أنا عبد الله و رسولة ولن أخالف أمره ولن يضيعني" وكان أوجه اعتراض الصحابة أنهم لم يدركوا أن الأمر أصبح فيه وحي قال الإمام العسقلاني " فيه تنبيه لعمر على أزاله ما حصل عنده من القلق، وانه (صلى الله عليه وسلم) لم يفعل ذلك إلا بوحي من الله " (العسقلاني، إرشاد الساري، ج 4ص 540 )
الحجة الثالثة: أن القرآن ذم الكثير بكونها جاهلة وضالة في مثل الآيات:﴿ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ (يوسف: 21)...﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ ( الروم: 63). والرد أن القران ذم كثرة الكفر والضلالة لا كثرة الإيمان التي قرر الرسول ( صلى الله عليه وسلم) أنها لا تجمع علي ضلاله. يقول الشيخ محمد الغزالي " وان ما استشهد به السيد المحاضر من بعض الآيات مثل الآية ( ولكن أكثرهم يجهلون )، فهذا في الأمم الضال وفي المشركين ، وأما سواد الأمة الاسلاميه فما تجمع علي ضلالة". كما أن هذا في أمور الدين لا أمور الدنيا، وبالرجوع إلى سياق الآيات التي ورد فيها ذم الكثرة والتفاسير المختلفة للآيات نجد أن المراد بالكثرة كثرة الكفر لا الإسلام ، ففي تفسير الجلالين مثلاً قوله(( أكثر من في الأرض)) أي الكفار ( وعن سبيل الله)أي الدين".
الحجه الرابعه: ان اختيار الحاكم فى الفكر السياسى الاسلامى يتم ببيعة أهل الحل والعقد، وهى بيعه خاصه . وهذا غير صحيح، ففي الفقه السياسي الإسلامي يتم اختيار الحاكم طبقا لبيعتان هما اولا: البيعه الخاصه: وهى بيعه أهل الحل والعقد ، وهي الجماعة التي لها حق البيعة الإمام من بين أعضائها، وهي تقارب ما يسمى في الفكر السياسي الحديث ( الهيئة التشريعية) التي تكون من ممثلين الأغلبية الشعب بانتخاب، والتي تتولي اختيار الحكومة (السلطة التنفيذية)، التي تكون مسئولية أمام هولاء الممثلين ( النظام البرلماني) . كما ان أهل الحل والعقد كانوا ممثلين لأغلبية الشعب تفويضا، وهو ما نلاحظه في جماعه المهاجرين الأولين التي تكون من عشرة كانوا يمثلون أهم البطون من القرشيين الذين هاجروا من مكة إلى يثرب وهم : ابوبكر وطلحة بن عبد الله ( تميم) وعمر بن الخطاب وسعيد بن زيد ( عدي) وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن أبى وقاص ( زهرة ) وعلي بن أبى طالب ( هاشم) وعثمان بن عفان ( أمية) والزبير بن العوام ( أسد) وأبو عبيدة بن الجراح ( فهد)، فكان ذلك تفويضا، ولذا يجوز أن يكون اختيار أهل الحل والعقد في عصرنا بالانتخاب باعتبار ذلك وسيلة لضمان كونهم يمثلون أغلبية الجماعة، يوضح الإمام الغزالي صفات من له الحق في العقد للإمام " أن يكون مطاعا ذا شوكه .. فالشخص الواحد المتبوع المطاع الموصوف بهذا الغرض لا شخصين أو ثلاثة فلا بد من اتفاقهم، وليس المقصود أعيان المبايعين، وإنما الغرض قيام شوكه الإمام بالإتباع والأشياع، ولا تقوم الشوكة إلا بموافقة الأكثرين من معتبري كل زمان" وهذة البيعة بمثابة الترشيح.
ثانيا:البيعة العامة:إن البيعة الأولي لا تكفي وحدها، فلابد من البيعة العامة التي هي بمثابة تصديق علي الترشيح، وإكمال للعقد .يقول ابن تيمية " وكذلك عمر لما عهد إليه ابوبكر ولم يبايعوة لم يصر إمام ،وكذلك عثمان لم يصر إمام باختيار بعضهم، بل بمبايعة الناس له"، ويقول الغزالي" ولو لم يبايع ابابكر غير عمر، وبقي كافة جميع الخلق مخالفين له لما انعقدت الإمامة ،فان المقصود الذي طلبنا له الإمام جمع شتات الآراء ولا تقوم الشوكة إلا بموافقة الأكثرين "وعن عمر بن الخطاب (من بايع رجلا علي غير مشورة المسلمين فلا يبايع هو والذي بايعه تفوت أن يقتلا )وقولة (فمن تأمر منكم من غير مشورة من المسلمين فاقتلوه) ( أبو يعلى كتاب الإمامة ص 214).
ثالثا: الموقف النقدي(القبول المقيد):
ا/ في الفكر السياسي الغربي:
الديموقراطيه التوافقية: ان الليبراليه استنادا إلى قبولها المطلق لمفهوم الاغلبيه، لم تميز ابتداء بين الاغلبيه المتغيرة، اى الاغلبيه السياسية إلى تحدث في مجتمع متجانس اجتماعيا ودينيا ... وفى ظلها يمكن ان تحصل الاقليه (المتغيرة) على اغلبيه، فتتحول من المعارضة إلى الحكم .و الاغلبيه الثابتة، اى الاغلبيه العرقية او الدينية ...التي تقابلها اقليه ثابتة اى عرقيه او دينيه... ولا توجد امكانيه لتحولها إلى اغلبيه ،وبالتالي لا يوجد ضمان لعدم قهرها بواسطة الاغلبيه، يقول باسكال سلان في كتابه “الليبرالية” (ان الاستبداد الديمقراطي يمثل خطرا قائما باستمرار، ذلك انه من المحتمل جدا ان تتعرض أقلية ما لهضم حقوقها من طرف أغلبية ما)، وهو ما حدث فعلا في كثير من المجتمعات التي تبنت الديمقراطية الليبراليه كبريطانيه( قهر الاغلبيه الانجليزية للاقليه الايرلندية)،واسبانيا (قهر الاغلبيه الاسبانية لأقليه إلباسك) والهند ( قهر الاغلبيه الهندوسية للاقليه ألمسلمه مما أدى إلى انفصالها عن الهند وتأسيسها لدوله باكستان)،بل لا يوجد ضمان لعدم قهر الاغلبيه الثابتة بواسطة اقليه ثابتة كما في إسرائيل (قهر الافليه اليهودية الاغلبيه الفلسطينية) ، وفى جنوب افريقيا سابقا (قهر الاقليه البيضاء للاغلبيه السوداء) .ولم يتمكن مفكري الليبراليه من حل هذه المشكلة إلا بإقرارهم ضرورة تقرير حقوق الاقليه على المستوى الدستوري ضمانا لعدم إهدارها بواسطة الاغلبيه، في ما أسموه "الديمقراطية التوافقية"
دوله كل الشعب: وكما سبق بيانه فان موقف الماركسية من مفهومي الديموقراطيه الاغلبيه هو موقف الرفض المطلق طبقا لأسس فكريه سبق بيانها، لكن تمت فى مراحل تاليه مراجعه هذه الموقف، والانتقال إلى موقف نقدي يقبل الديموقراطيه الاغلبيه فى إطار نسق فكري ماركسي منقح ومعدل(الماركسية الجديدة واليسار الجديد) ، و يستند إلى مفهوم "دوله كل الشعب"، و مضمونه ان آخرون غير البروليتاريا قد يختارون الاشتراكية لا لأنهم يعكسون موقعهم من علاقات الإنتاج، بل لاقتناعهم بأنها مفيدة اجتماعيا، وعلى البروليتاريا ان تقودهم إلى الاشتراكية بالوسائل الديموقراطيه ، وان الدولة يمكن ان تبقى ليس كاداه قهرطبقى بل كجهاز يعبر عن مصالح الشعب ككل ،وفى طل دوله كل الشعب تتحدد الغايات إلى يجب ان يحققها النظام القانوني بالطريقة الديموقراطيه اى بالرجوع إلى رأى الناس او اغلبهم.
ب/ في الفكر السياسي الاسلامى: كما ان هناك مذهب أخر في إطار الفكر السياسي الاسلامى يقوم على قبول مفهوم الاغلبيه بعد تقييده بالمفاهيم الكلية للفلسفة السياسية الاسلاميه،والتي هي بمثابة ضوابط موضوعيه مطلقه للتنظير والممارسة السياسية. أهمها:
التمييز بين الأصول والفروع: يجب التمييز بين اصول الدين ، التي مصدرها النصوص يقينية الورود القطعية الدلالة،والتى تسمى تشريعا، والتي لا يجوز مخالفها او الاتفاق على مخالفتها سواء بواسطة فرد او فئه او اغلبيه او الشعب كله. والفروع التي مصدرها النصوص ظنيه الورود والدلالة، والتى تسمى اجتهادا، وفيها اختلف ويختلف المسلين بدون إثم، فمن أصاب فله أجران ومن اخطأ فله اجر، وهنا نرجح الاحتكام إلى رأى الاغلبيه . وطبقا لهذا فانه يجوز الاحتكام إلى رأى الاغلبيه في مجال السياسة (السلطة) باعتبار ما ذهب إليه أهل السنة من ان الامامه(السلطة) من فروع الدين لا أصوله ، يقول الآمدي ( واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات ، ولا من الأُمور اللابدِّيَّات ، بحيث لا يسع المكلَّف الإعراض عنها والجهل بها ...) (غاية المرام في علم الكلام : ص 363، لسيف الدين الآمدي) .
ويقول الإيجي عن الامامه: « وهي عندنا من الفروع ، وإنّما ذكرناها في علم الكلام
تأسيّاً بمن قبلنا » (المواقف : ص 395) .
ويقول الإمام الغزالي ( أعلم أنّ النظر في الإمامة أيضاً ليس من المهمات ، وليس أيضاً من فنّ المعقولات ، بل من الفقهيات ، ثمّ إنّها مثار للتعصبات ، والمُعْرِض عن الخوض فيها ، أسلم من الخائض فيها ، وإن أصاب ، فكيف اذا أخطأ؟ ، ولكن إذ جرى الرسم باختتام المعتقدات بها ، أردنا أن نسلك المنهج المعتاد ؛ فإنّ
فطام القلوب عن المنهج ، المخالف للمألوف ، شديد النِّفار ) (الاقتصاد في الاعتقاد : ص 234 )
عله ترجيح رأى الاغلبيه في الفروع : غير انه يجب تقرير ان ترجيح رأي الأغلبية فى الفروع ليس لان ما تراه الأغلبية هو الرأي الصحيح سواء فى الاصول او الفروع ، فالصحيح هو ما يطابق الحقيقة التكوينيه او التكليفيه، والحقيقة ذات وجود موضوعي غير متوقف علي وعي الناس، فلا وعي الأغلبية ولا وعي الأقلية دليل علي صحة أرائهم وفي هذا يستوون ، إنما يرجح رأي الأغلبية بحكم المساواة بين البشر والحفاظ علي وحدة المجتمع. حيث يجب التمييز بين نوعين من المشاكل:
النوع الاول : مصدر معرفته هو الواقع الموضوعى والقوانين الموضوعيه(السنن الالهيه) التى تضبط حركته. وهو ما يسمى بمشكلات التخلف، وهوالنوع الفرع، وهنا يرجح رأي الأغلبية بحكم المساواة بين البشر والحفاظ علي وحدة المجتمع، إذ أن الأغلبية لا تتعدد ،وتتعدد الأقليات في مجتمع واحد حينئذ لن يكون بين الأقليات مرجع فلا تبقي ملتئمة إلا مكرهة وهي حرب تمزق المجتمع الواحد ، ثم انه بحكم المساواة بين البشر والحفاظ على وحدة المجتمع الذي يبرر ترجيح رأي الأغلبية تبقى للأقلية حرية المعارضة والنقد والدعوة إلى رأيها وإقناع الناس بصحته بأدلة قد تستقيها من أثار ممارسة الأغلبية ... إلى أن تحصل لرأيها على الأغلبية فيصبح الحكم لها بعد أن كان عليها.
والنوع الثانى: مصدر معرفته هو الشعب نفسه، وهوما يسمى بمشكلات التنميه ،وهو النوع الاصل، حبث انه ايا كانت مضامين الحلول الصحيحه للمشاكل الاجتماعيه فانها حلول لمشكلات الناس التى يحسونها فى انفسهم ،و قمه النجاح حل مشاكل الناس جميعا ، الا ان هذا الامر غير ممكن فى ذات الوقت دائما، فان اختلف الناس ينفذ اولا الحل الذى يحل مشاكل اغلبهم ، ثم تاليا الحل الذى يحل مشاكل الاقليه منهم، بحكم انهم شركاء بالتساوى فى مجتمعهم .
التمييز بين السلطة والسيادة: بناءا على التمييز السابق بين الأصول والفروع يجب التمييز بين السيادة (السلطة المطلقة ) والسلطة (ممارسه السيادة في مكان وزمان معينين ) - وكذا التشريع(حق وضع القواعد القانونية المطلقة) والتقنين(الاجتهاد)(حق وضع القواعد القانونيةالمحدوده زمانا ومكانا وبالتالي متطورة زمانا متغيره مكانا) ، والملكية (حق التصرف المطلق فى المال) والانتفاع (الانتفاع بالمال على الوجه الذى يحدده مالك المال) -وذلك بإسناد الحاكمية(السيادة) -وكذا التشريع والملكية- لله تعالى وحدة - استنادا إلى مفهوم التوحيد-، واستخلاف الجماعة في إظهار الحاكميه _وكذا التشريع والملكية- ، بإسناد الأمر(السلطة) –وكذا التقنين والانتفاع بالمال-إليها، وممارستها لها مقيده بهذه ألحاكميه (السيادة)(وأمرهم شورى بينهم) –وكذا هذا التشريع والملكيه-أما الحاكم فنائب ووكيل عنها لها حق تعيينه ومراقبته وعزله، يقول الماوردي عن البيعة أنها " عقد مرضاة واختيار لا يدخله اكراة ولا إجبار" ويقول أبو يعلي أن الخليفة " وكيل للمسلمين ". ويناء على هذه فان السلطة المطلقة( السيادة) –وكذا التشريع والملكيه-لا يجوز إسنادها إلى سوى الله تعالى سواء كان فرد او فئه (اقليه)او اغلبيه او حتى الشعب كله ،و يجب إسناد السلطة–وكذا التقنين والانتفاع بالمال- إلى الشعب او أغلبيته لا ينفرد بها فرد او فئه( اقليه) دونه كما سبق بيانه.
قواعد السلطة:
المساواة: مادام المستخلف عن الله تعالى هي الجماعة لا فرد أو فئة كانت أول قاعدة من قواعد النظام العام الإسلامي في السلطة هي قاعدة المساواة " ان أكرمكم عند الله اتقاكم"، ثم يكتفي الإسلام بما هو صالح للمحافظة علي القاعدة في أي مجتمع في أي زمان وأي مكان، وهما قاعدتين العدل والشورى.
العدل: هو نظام إجرائي لبيان وجه الحق بين المختلفين فيه طبقا للقواعد المنظمة لعلاقات الناس قبل الاختلاف ،وذلك بما يسمي الحكم ( القضاء) ، ثم تنفيذ الأمر الذي ترتبة القواعد في محله ولو بالإكراه،يقول تعالى(إذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل) ( النساء:85).
الشورى: هي تبادل العلم بمشكله مشتركة، ثم تبادل المعرفة بحلولها المحتملة، وأساليب تحقيقها،ثم تعين القرار الذي يرى كل مشارك انه الحل الصحيح للمسألة، والمعرفة وذلك بالإشارة به على الآخرين، فخطوات الشورى هي :
أولاً: تبادل العلم بالمشكله المشتركة ،وعبر عنها القرآن بلفظ ( يسألونك) ﴿ يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول﴾ ﴿ يسألونك عن أهلة قل هي مواقيت للناس... ﴾
ثانيا: العلم بحلولها المحتملة، ففي غزوة بدر نزل الرسول (صلى الله عليه وسلم) عند اقرب بئر إلى المدينة ، فاسأل الخباب بن المنذر الرسول(صلى الله عليه وسلم)( يا رسول الله أرأيت هذا المنزل ...أمنزل انزلكه الله فليس لنا ان نقدمه أو نتأخر عنة، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ، فقال (صلى الله عليه وسلم) بل هو الرأي والحرب والمكيدة . فقال الحباب يا رسول الله أن هذا ليس لك بمنزل فانهض بنا حتي تأتي ادني ماء من القوم ( قريش) فننزله ونغور ما وراء من القلب، ثم نبني عليه حوضا فنملوة ماء فشرب فاستحسن الرسول (صلى الله عليه وسلم) رأي الحباب وفعله.
ثالثاً: ثالث خطوات الشورى هو تبادل العمل تنفيذاً للحل الذي رأته الأغلبية انه الحل الصحيح في الواقع.
أدله ترجيح رأى الاغلبيه:
في السنة : في غزوة احد استشار الرسول ( صلى الله عليه وسلم) المسلمين في الخروج لمقاتله قريش أو البقاء ،ولكن أغلبية المسلمين أبو إلا الخروج ،فاخذ الرسول برأيهم، قال الحافظ بن حجر( وأبى كثير من الناس إلا الخروج).وروى الحافظ ابن كثير( وشاورهم في احد في ان يقعد بالمدينة أو يخرج إلى العدو، فأشار جمهورهم بالخروج إليهم).
أما عند علماء أهل السنة : فيقول الغزالي في مسألة ( إذا بويع لامامين) (أنهم لو اختلفوا في الأمور وجب الترجيح بالكثرة... ولأن الكثرة أقوى مسلك من مسالك الترجيح).
* وقال ابن تيميه في مبايعة أبى بكر( وإنما صار إماما بمبايعه جمهور الصحابة).
*وذهب أبى جرير الطبري، وابوبكر الرازي ، واحمد بن حنبل في احدي الروايتن عنه إلى انعقاد الإجماع برأي الأكثرين إذا قل مخالفهم ، وذهب بعضهم إلى انعقاد الإجماع برأي الأكثرية إذا كان مخالفوهم لا يبلغون حد التواتر ، وذهب بعضهم إلى القول الأكثر حجة ولكن لا يسمي إجماعا، ورأى آخرون ان إتباع رأي الأكثرية أولى فقط .
* ومن أقوال الفقهاء " الأكثرية مدار الحكم عند فقدان دليل أخر،.... وإذا اختلط موتى المسلمين بموت الكفار وأريد الدفن والصلاة اعتبر الأكثر.
* وأوصى الرسول ( ص) المسلمين ان يلزمون عند الفتنة – أي الاختلاف- الجماعة – أي الأغلبية ، فقال" أمتي لا تجمع علي ضلالة" رواة بن ماجة وقال "يد الله مع الجماعة " وقال " عليكم بالسواد الأعظم ".
* ولذا اختار علما السنة لأنفسهم اسم ( أهل السنة والجماعة)، أي الكثرة.
أما في أقوال المفكرين الإسلاميين المعاصرين : فيقول الشيخ محمد رشيد رضا(فان قيل وما حكمته تعالى في ترجيح الرسول لرأي الجمهور المرجوح ثم إنكاره تعالى ذلك عليهم، قل إن لله في ذلك لحكماً ما ظهر لي منها، الحكمة الأولي عمل الرسول (ص) برأي الجمهور الأعظم فيما لا نص فيه من الله تعالي وهو ركن من أركان الإصلاح السياسي والمدني الذي عليه أكثر الأمم في دولها القوية في هذا العصر).
* يقول عبد القادر عوده( وربما صح عقلا إن رأي الأكثرين خاطئا ورأي الاقليه صواباً، ولكن هذا نادر، والنادر لا حكم له ، والمفروض شرعا رأي الأكثرين هو الصواب مادام كله يبدي رأيه مجردا لله و أساس ذلك قول رسول (صلى الله عليه وسلم ) " لا تجمع أمتي علي ضلالة ويد الله مع الجماعة ").
قضيه الاغلبيه الثابتة ومفهوم الذمه: وكما قررنا سابقا فان الليبراليه لم تميز ابتداء بين الاغلبيه المتغيرة(السباسيه) و الاغلبيه الثابتة ( العرقية او الدينية ...) مما أدى إلى عدم توافر ضمان يحول دون قهر الاغلبيه الثابتة للاقليه الثابتة ، وانه ولم يتمكن مفكري الليبراليه من حل هذه المشكلة إلا بإقرارهم ضرورة تقرير حقوق الاقليه على المستوى الدستوري ضمانا لعدم إهدارها بواسطة الاغلبيه، فى ما أسموه "الديمقراطية التوافقية" . هذا الحل نجد تطبيق له فى إطار الفكر السياسي الاسلامى فى مفهوم أهل الذمة ، فالذمة لغة العهد والكفالة والضمان والأمان(الفيروز ابادى، القاموس المحيط، 4/115)، أما اصطلاحا ( التزام تقرير الكفار في ديارنا وحمايتهم والذب عنهم ببذل الجزية والاستسلام من جهتهم)( أبو زهره المجتمع الانسانى، ص 194)، فهو تقرير حقوق المواطنة لغير المسلم في الدولة الاسلاميه (اليهود أمه مع المؤمنين) مع احتفاظه بحريته الدينية على المستوى الدستوري( في ذمه الله ورسوله)، ضمانا لعدم إهدارها بواسطة الاغلبيه المسلمة مادام قائما بواجباتها.
أما التمييز بين الذميين والمسلمين فلم يقل به احد من المتقدمين ، وقال به بعض المتاخرين في مرحله تاريخية لاحقه، لوقوف بعض الذميين مع التتار ضد المسلمين من باب الاحتراس، فهو ليس قاعدة بل حكم تاريخي مربوط بظروف معينه(عبد العزيز كامل، معامله غير المسلمين ج1، ص199)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مفهوم الاغلبيه فى الفكر السياسى المقارن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم الاصلاح فى الفكر السياسى الاسلامى
» مفهوم الديموقراطيه في الفكر السياسي المقارن
» مفهوم الشرعية في الفكر القانوني المقارن
» مفهوم الملكية في الفكر الاقتصادي المقارن
» مفهوم سيادة القانون في الفكر القانوني المقارن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الثقافة العربية :: الفكر الحر-
انتقل الى: