صبرى محمد خليل خيرى
المساهمات : 112 تاريخ التسجيل : 08/05/2011
| موضوع: عن الخلاف بين عبد الناصر والأخوان المسلمين: قراءه منهجيه الجمعة ديسمبر 28, 2012 4:14 pm | |
| عن الخلاف بين عبد الناصر والأخوان المسلمين: قراءه منهجيه د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم sabri.m.khalil@hotmail.com تمهيد:هذا المقال هو محاوله لتحديد طبيعة الصراع ، الذى دار بين جمال عبد الناصر وجماعه الأخوان المسلمين، في مصر منتصف القرن الماضي ، و تستند هذه المحاولة إلى عده ضوابط منهجيه هي: أولا: صراع سياسي: أن الصراع بين جماعه الأخوان المسلمين وجمال عبد الناصر، لم يكن صراعا دينيا بين مسلمين وكفار، بل صراع سياسي ، هذا التقرير مبنى على تقرير أهل السنة أن الامامه( السلطة) من فروع الدين لا أصوله( بخلاف الشيعة الذين قرروا أن الامامه من أصول الدين، وبخلاف الخوارج الذين كفروا مخالفيهم).كما انه مبنى على عدم نفى القران صفه الأيمان عن الطوائف المتصارعة(وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلي أمر الله). كما انه مبنى على أن الصحابة(رضي الله عنهم) اختلفوا في مسالة السلطة إلي حد القتال(على بن أبى طالب ومعاوية- على وعائشة... رضي الله عنهم) دون أن يكفر احدهم الأخر. وقد اقر بعض الأخوان المسلمين والإسلاميين بهذا الأمر يقول حسن دوح ( أن تصوير خلافنا مع عبد الناصر على انه جهاد بين جماعه مسلمين وجماعه كافرين تصوير خاطئ، والأولى أن تقول انه كان خليطا، لعب الجانب العقدي فيه دورا تمثله جماعه الأخوان المسلمين ،والجانب الحزبي دورا أخر، ولم يخل من الجانب الشخصي)( الإرهاب المرفوض والإرهاب المفروض، بدون تاريخ، دار الاعتصام، القاهرة، ص 39). ويقول ناجح ابراهيم(أصل الخلاف بين الإخوان وعبد الناصر هو اعتقاد كل منهما أنه الأجدر والأحق بالسلطة والحكم في مصر.. فعبد الناصر ومن معه كانوا يرون أنهم الأجدر بالسلطة والحكم باعتبار أن الثورة ثورتهم ، وأنهم الذين تعبوا وغامروا بحياتهم فيها ، وأن الإنجليز لن يسمحوا للإخوان بحكم مصر، أما الإخوان فكانوا يرون أنهم أصحاب فكرة الثورة من الأصل، وأن عبد الناصر وعامر وغيرهما كانوا من الإخوان المسلمين الذين بايعوا على المصحف والسيف.. وأن هؤلاء الضباط صغار لا يصلحون للحكم.. وأن الإخوان هي القوة الرئيسية التي وقفت مع الثورة، وهم الأجدر بالحكم والسلطة، ولذلك نشأ الخلاف بينهما وازداد وتوسع.. ولم يكن الخلاف أساسا على الدين أو الإسلام أو حرية الدعوة، ولكنه انحصر أساسا في ظن كل فريق منهما أنه الأجدر بالحكم ..وظل يتطور هذا الخلاف حتى وصل إلى مرحلة التصفية الجسدية متمثلة في حادثة المنشية سنة1954، والتي قابلها عبد الناصر بكل قوة وقسوة واعدم ستة من قادة الإخوان والنظام الخاص.)( جمال عبد الناصر في فكر داعية). ويقول د.عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين سابقا في الحلقة الأولى من مذكراته «شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر» التي تنفرد «الشروق» بنشرها (ورغم أن نظرتي تغيرت تماما عن جمال عبد الناصر فلم تصل يوما إلى تكفيره، فقد كنت أرى أنه من الصعب أن نقول إن جمال عبد الناصر كان ضد الإسلام أو عدوا له كما كتب البعض، ومازلت أرى أن الصراع بينه وبين الإخوان كان صراعا سياسيا في الأساس بدليل أنه استعان بالعديد من رجالهم في بداية الثورة كوزراء مثل الشيخ الباقورى والدكتور عبد العزيز كامل...) ثانيا: مشكله تحديد مضمون أهداف الثورة: وترجع جذور هذا الصراع السياسي إلى انه رغم أن ثورة 23 يوليو قد قامت لتحقيق الأهداف الستة التي ظلت تدعو إليها القوى الوطنية المصرية ومنها حركه الإخوان المسلمين، إلا أن الثورة لم تتمكن من الالتزام بمضمون محدد لهذه الأهداف نسبه للظروف التي أحاطت بقيامها، كما لم تتمكن القوى السياسية الوطنية ومنها الإخوان المسلمين من توقع مضمون محدد لها ، وهو الذى أدى إلى الخلاف بينهما والذي وصل إلى حد المواجهة العدائية . فى ذات الوقت الذى كانت معارك التحرر الوطني القومي التي قادتها الثورة تسمح بالتقاء قوى مختلفة المنابع الفكرية والاتجاهات السياسية والمصالح الاقتصادية والوعي الفكري - ومنها جماعه الإخوان المسلمين، إذا التقت في موقف موحد ضد الاستعمار،وهو الموقف الذى انتبه إليه بعض علماء أهل السنة الذين أفتوا بعدم جواز الخروج حتى على السلطان الجائر في ظروف مماثله. ثالثا: الخلاف بعد الاتفاق: وتأكيدا لذلك نجد ان الاختلاف بين عبد الناصر والإخوان المسلمين جاء بعد اتفاق،اى انه لم يكن اختلاف مبدئى، حيث يرى المستشار الدمرداش العقالي, أحد القيادات الاخوانيه, أن جمال عبد الناصر هو نبتة إخوانية منذ الأساس،وانه بايع حسن البنا المرشد العام للحركة منذ عام1942,,وانه شكل مع آخرين الجهاز الخاص للإخوان المسلمين في الجيش. ويقول المستشار مأمون الهضيبي أن جمال عبد الناصر حلف على المصحف والسيف لمبايعة الإخوان . بينما يقول جمال عبد الناصر في 18 نوفمبر 1965 ( إنا قبل الثورة كنت على صلة بكل الحركات السياسية الموجودة في البلد ، يعني مثلاً كنت اعرف الشيخ حسن البنا لكن ما كنتش عضو في الإخوان).وفى كل الأحوال ضم تنظيم الضباط الأحرار ضباطاً ينتمون فكريا الى الاخوان المسلمين ككمال الدين حسين ، كما أيد الإخوان عبد الناصر عند قيامه بالثورة، وبعد قيامه بالثورة، وكانوا أول أعوانه، بل كانوا سنده الشعبي البارز، حتى دب الخلاف بين الطرفين. و في الذكرى الأولى للاستشهاد حسن البنا وقف عبد الناصر على قبره مترحما واستمرت الإذاعة في تلاوة القران طوال اليوم وقف عبد الناصر قائلا ( كان حسن البنا يلتقي مع الجميع ليعمل الجميع في سبيل المبادئ العالية والأهداف السامية، لا في سبيل الأشخاص ولا الأفراد ولا الدنيا...وأُشهد الله أنني أعمل -إن كنت أعمل- لتنفيذ هذه المبادئ، وأفنى فيها وأجاهد في سبيلها)، وعقب الثورة أقام نادي الضباط حفلا لتكريم سيد قطب افتتح بتلاوة للقران الكريم وكان من ضمن المداخلات كلمة لعبد الناصر ووجهها لسيد قطب قائلا )أخي الكبير سيد والله، لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا، جثثا هامدة، ونعاهدك باسم الله، بل نجدد عهدنا لك، على أن نكون فداءك حتى الموت)،وقد استمرت العلاقة على كامل ودها بين عبد الناصر والإخوان حتى عام 1953 عندما استقال سيد قطب من وظيفته كرئيس لهيئة التحرير ( أهم منصب مدني في الحكومة المصرية في تلك الفترة )، كما ان النظام السياسي الناصري أقدم على دمج قطاع مهم ورئيسي من جماعة الإخوان المسلمين بداخل هيئاته ومؤسساته الحكومية والسياسية وفى مستويات عليا منها . رابعا: أوجه الصواب والخطأ: وفى إطار الفقه السياسي لأهل السنة فان النشاط السياسي للمسلمين أفرادا وجماعات هو اجتهاد في فروع الدين،يباح فيها الاختلاف،فمن أصاب فله أجران ومن اخطأ فله اجر،ولا يقع في إطار أصول الدين التي لا يباح مخالفتها او اتفاق على مخالفتها، ومن خالفها فو كافر،وبناءا على هذا نقول ان كلا طرفي الصراع اجتهد فأصاب في مواضع واخطأ فى مواضع، لذا يجب على الطرفين الإقرار بهذه الأخطاء , يقول د.ناجح ابراهيم(إن الحركة الإسلامية ممثلة في جماعة الإخوان أخطأت في هذا العصر برفضها التعامل والتعاون مع عبد الناصر في البداية لتتركه لأصحاب الفكر اليساري الذين أحسنوا استقطابه .. وأخطئوا كذلك بمحاولة قتله في سنة 1954م أو الانقلاب المسلح عليه سنة 1965م ...أما أخطاء عبد الناصر في حق الإخوان والحركة الإسلامية فهي لا تعد ولا تحصي.. )( جمال عبد الناصر في فكر داعية). خامسا: التنظيمات الجامعة غير المانعه : ومن أهم العوامل التي ساهمت في قيام هذا الصراع أن طرفي الصراع استند إلى تنظيمات جامعه ( اى تقبل كل من يعلن الالتزام بمبادئها ، والتي كانت ذات طبيعة عامه) ،ولكن غير مانعه (اى لم تتوافر فيها إليه لتمييز بين من يؤمن بهذه المبادئ فعلا و من يدعي الالتزام بها، فضلا عن عدم وجود تفاصيل جزئيه لهذه المبادئ )، ومرجع هذا أن كلا الطرفين أراد حشد الناس ضد الاستعمار القديم والجديد والصهوينيه ، فمن جهة كان في داخل جماعه الإخوان المسلمين فئات تعمل بمعزل عن قيادتها في أحيان كثيرة، وعن قاعدتها دائما مثل التنظيم الخاص ، يقول ناجح إبراهيم عن حادث المنشية إن (النظام الخاص وهو الجناح العسكري للإخوان قام بذلك فعلا ً ولكنه لم يستأذن في ذلك المرشد المستشار الهضيبي الأب " رحمه الله " الذي كان يكره العنف... (، ومن جهة أخرى فان الدولة في عهد عبد الناصر ابتكرت تنظيمات سياسيه عامه تتضمن داخلها كل جهاز الدولة (هيئه التحرير، الاتحاد القومي، الاتحاد الاشتراكي)،وهنا أتيح لمجوعه من البيروقراطيين أن يقوموا بالعديد من الممارسات السالبة كالتعذيب ، وبذلك لطخوا ثوب ثوره يوليو بما علق بها من نقاط سوداء... -للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان (http://drsabrikhalil.wordpress.com). | |
|