صبرى محمد خليل خيرى
المساهمات : 112 تاريخ التسجيل : 08/05/2011
| موضوع: بين المسلم والاسلامى:مصطلح ( اسلامى) بين الاجتهاد والبدعة الثلاثاء يوليو 31, 2012 12:56 am | |
| بين المسلم والاسلامى:مصطلح ( اسلامى) بين الاجتهاد والبدعة د.صبري محمد خليل/ أستاذ بجامعه الخرطوم/ تخصص فلسفه القيم الاسلاميه sabri.khalil@hotmail.com أصل المصطلح: من ناحية اللفظ لم يرد لفظ اسلامى أو إسلاميين في القران أو ألسنه أو أقوال السلف الصالح، إنما ورد لفظ مسلم ومسلمين، قال الله تعالى: (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (الحج:78)، فمصطلح (اسلامى) هو لفظ اصطلاحي (توفيقي) رغم أن موضوعه ديني (الإسلام)، وليس مصطلح شرعي (توقيفي)، يقول د. عبد الفتاح أفكوح ( وإذا كانت كلمتا : "المسلم" و"المسلمون" وصف إلهي، فإن لفظتي: "الإسلامي" و" الإسلاميون " وصف وضعي بشري ) (مقال بعنوان :مسلم أم إسلامي أم إسلاموي) . وإذا كان بعض العلماء المسلمين قد استخدم مصطلح (إسلاميين)، فأنهم قد استخدموه بدلالات غير دلالاته المعاصرة ، من هؤلاء العلماء الإمام ابو الحسن الاشعرى في كتابه (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين)،حيث عنى بالإسلاميين كل فرق وطوائف المسلمين - بما في ذلك الفرق التي تختلف مع أهل السنة والجماعة كالشيعة، والخوارج والمرجئة والمعتزلة،مع تركيزه على المذاهب الاعتقاديه (الكلامية) المختلفة لهذه الفرق. وطوال التاريخ الاسلامى ، فان المسلمين استخدموا المصطلحات ألقرانيه (المسلم المسلمين) في وصف كل من التزم بأصول الدين الثابتة من أفراد وجماعات، أما الجماعات التي تلتزم بأحد المذاهب الاسلاميه،التي هي محصله الاجتهاد في فروع الدين المتغيرة،فقد نسبوها إلى صاحب المذهب ، كالحنابلة والمالكية والشافعية والحنفية في الفقه أو الاشاعره والماتريديه و الطحاويه في علم الكلام ، ولم يتم استخدام مصطلح اسلامى وإسلاميين بدلالاته الحديثة في المجتمعات المسلمة إلا في العصور الحديثة بعد ظهور الاستعمار ، من هذه الدلالات استخدام المصطلح الذي يقابله في اللغة الانجليزية islamist) ) في نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر في الموسوعة البريطانية بمعنى المستشرق اى الباحث الغربي المتخصص في الدراسة المجتمعات الاسلاميه، كما استخدم مصطلح (اسلامى) في المغرب في بداية القرن التاسع عشر وأواخر القرن الثامن عشر ،في مخطوطات بمدينة تطوان وبشمال المغرب ، الوصف اليهود الذين أتوا من إسبانيا ثم أسلموا ،حتى يتم التفريق بين المسلم الأصلي والذي اعتنق الإسلام حديثا " انظر : الإهانة للمنجرة 172"( أحمد الريسوني : الحركة الإسلامية المغربية ، ص17 ).
المواقف المتعددة من المصطلح: وقد تعددت المواقف من هذا المصطلح . فهناك من يقبل هذا المصطلح. كما أن هناك قطاع من العلماء يرفض هذا المصطلح ، يقول الدكتور محمد بن عبد العزيز المسند ( والمقصود أن هذا المصطلح ـ مصطلح الإسلاميين ـ مصطلح علماني دخيل ، لا يصح إطلاقه على أحد من أبناء هذه البلاد ، فأهل هذه البلاد كلهم مسلمون ، قد رضوا بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه رسولاً ونبياً ..). أما الموقف الذي نرجحه فهو الموقف الذي لا يضع حكما كليا بالمنع أو الإيجاب ،على هذا المصطلح،على وجه الإجمال، دون تمييز بين دلالاته المختلفة- كما في مذهب الإجمال-، بل يميز بين الدلالات المتعددة المصطلح، وبالتالي يميز في الحكم علي هذه الدلالات،طبقا لمدى اتفاقها او عدم اتفاقها مع مقاصد وضوابط الشرع– اتساقا مع مذهب التفضيل- ، وبناءا على هذا فان هذا الموقف يميز بين دلالتين لمصطلح (اسلامى): الدلالة الأولى: تعتبر أن المصطلح هو مصطلح شرعي توقيفي ، وبالتالي فانه يتم استخدامه في هذه الدلالة باعتبار انه أصل من أصول الدين،وتنطلق هذه الدلالة من أو يلزم منها ، جمله من المفاهيم ، التي تتناقض مع مقاصد الشرع وضوابطه، وهذه الدلالة بالتالي تعتبر بدعه. أما الدلالة الثانية فتعتبر ان المصطلح اصطلاح بشرى، وبالتالي فانه يتم استخدامه في هذه الدلالة باعتبار انه فرع من فروع الدين وليس من أصوله، وتلتزم بجمله من الضوابط التي تهدف إلى تحقيق اكبر قدر ممكن من الاتساق مع مقاصد الشرع وضوابطه، وبالتالي يمكن اعتبارها شكل من أشكال الاجتهاد فى فروع الدين المتغيرة . الدلالة الأولى: البدعة: البدعة اصطلاحا الاضافه إلى أصوله الدين لا فروعه، دون الاستناد إلى نص يقيني الورود قطعي الدلالة: قال تعالى (... ورَهبَانِيَّةً ابتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيهِمْ إلاّ ابتغاء رِضوَانِ اللهِ ....). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد –صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)( رواه مسلم ومعناه عند البخاري من حديث ابن مسعود)..يقول ابن رجب الحنبلي: عن البدعة(ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدّل عليه ، أما ما كان له أصل من الشرع يدّل عليه فليس ببدعة شرعاً وإنْ كان بدعة لغةً)( جامع العلوم والحكم ، لابن رجب الحنبلي : 160 طبع الهند).ويقول ابن حجر العسقلاني عن البدعة(أصلها ما أُحدِثَ على غير مثال سابق ، وتطلق في الشرع في مقابل السُنّة فتكون مذمومة...) ( فتح الباري ، لابن حجر العسقلاني 5 : 156). وكما ذكرنا سابقا فان الدلالة الأولى لمصطلح ( الاسلامى) تنطلق من او يلزم منها جمله من المفاهيم التي تتناقض مع مقاصد الشرع وضوابطه، بالتالي تعتبر بدعه، من هذه المفاهيم: جماعه المسلمين:أن يلزم من إطلاق اسم الإسلاميين على جماعه معينه انها تحتكر التحدث باسم الدين ،وبالتالي يمكن أن توصف بانها جماعه المسلمين وليست جماعه من المسلمين، وهذا الفهم ما يخالف اقرار الإسلام للتعدد (المقيد) على المستوى التكليفى ،من خلال تقريره للوحدة على مستوى الأصول، واقراره للتعدد والاختلاف على مستوى الفروع ، يقول ابن مفلح( لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع)[الآداب الشرعية 1/186]. التكفير: أن يلزم من إطلاق اسم إسلاميين على جماعه معينه تكفير المخالف لها في المذهب لورود الكثير من النصوص التي تفيد النهى عن تكفير المسلمين: قال تعالى ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمناً تبغون عرض الحياة الدنيا). و قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) ( ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله ) (ترجم له البخاري) . العصمه: أن يلزم من إطلاق اسم إسلاميين على جماعه معينه أن يصبح أفرادها معصومين عن الخطأ إذ لا عصمه لأحد بعد الأنبياء، و القول بذلك يعنى المساواة بينهم وبين الأنبياء والرسل فى لدرجه
الدلالة الثانية: الاجتهاد: الاجتهاد اصطلاحا هو بذل الوسع في النظر في الأدلة الشرعية باستنباط الأحكام منها، فهو تجديد في فروع الدين المتغيرة مقيد (محدود) بأصوله الثابتة. وكما ذكرنا سابقا فان الدلالة الثانية لمصطلح ( اسلامى) تلتزم بجمله من الضوابط التي تهدف إلى تحقيق اكبر قدر ممكن من الاتساق مع مقاصد الشرع وضوابطه، وبالتالي يمكن اعتبارها شكل من أشكال الاجتهاد في فروع الدين المتغيرة،من هذه الضوابط: المصطلح : من ناحية اللفظ فانه يجب التمييز بين استخدام مصطلح (اسلامى) في وصف البشر(أفرادا وجماعات)، واستخدامه في وصف المفاهيم والقيم والقواعد، فكما سبق ذكره فإننا نرفض استخدام المصطلح طبقا لدلالته الأولى "التي تنطلق من أو يلزم منها ، جمله من المفاهيم ، التي تتناقض مع مقاصد الشرع وضوابطه" في وصف البشر (أفرادا وجماعات) ، أما استخدام المصطلح في وصف المفاهيم والقيم والقواعد فغير مرفوض بشرط التمييز بين ما هو أصل من أصول الدين مصدره نص ثابت، وما هو فرع مصدره الاجتهاد المتغير. يقول د. عبد الفتاح أفكوح (واجتنابا لأي إبهام أو غموض، يجب الأخذ باستعمال كل اصطلاح مشتق من لفظ "الإسلام" في سياقه الطبيعي، لأن الأمر يقتضي في هذا النهج مبدأ التمييز بين صفة الإنسان وصفة المقولات، والمفاهيم، والموضوعات؛ فالذاتية، والرؤية، والفكرة، والحياة، والبلاد جميعها لها الصفة "الإسلامية"، والذات، والأمة موصوفة بلفظ "المسلمة" أما الكاتب، والأديب، والإنسان، والمجتمع فلهم صفة "المسلم"، وليس الإسلامي ...)،أما في حاله استخدام المصطلح طبقا لدلالته الثانية" التي تلتزم بجمله من الضوابط التي تهدف إلى تحقيق اكبر قدر ممكن من الاتساق مع مقاصد الشرع وضوابطه"، فانه من الأفضل أيضا استخدامه في صيغه نسبه غير مباشره بدلا من استخدامه في صيغه نسبه مباشره ، فنقول مثلا" كاتب اسلامى،ناشط سياسي اسلامى..." بدلا من أن نقول" اسلامى" . مفهوم الجماعة: أن اى جماعه تنسب نفسها إلى الإسلام ، لا تصبح بذلك جماعه المسلمين بل هى جماعه من المسلمين. مفهوم الدعوة : يجب التمييز بين دلالتين لمصطلح الدعوة : الدلالة الأولى للمصطلح المخاطب فيها غير المسلم ، ومضمونها دعوه الكفار والمشركين إلى الإسلام كدين، والدلالة الثانية للمصطلح المخاطب فيها المسلم، ومضمونها دعوة للمسلمين الى الارتقاء بواقعهم مما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون المنهج التقويمي: إن اى جماعه تنسب نفسها إلى الإسلام ، لا تصبح بذلك معصومة من الخطأ، فأفرادها ليسوا أنبياء من بعد الرسل ، بل بشر يجتهدون فيصيبوا ويخطأوا، لذا يجب عليها -كغيرها من أفراد وجماعات المسلمين- ان تلتزم بالمنهج التقويمي الذي مضمونه تجاوز موقفي الرفض المطلق والقبول المطلق إلى موقف نقدي قائم على قبول الصواب، ورفض الخطأ قال تعالى: ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه).وقال صلى الله عليه وسلم (لا يكن أحدكم إمعة، يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسئت، بل وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا،وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم)،هذا التقويم له قسمان : الأول هو التقويم الموضوعي ومضمونه تقويم الآخرين لفرد أو جماعه، وقد عبر عنه أبو ابكر الصديق (رضي الله عنه) بقوله (إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني). والقسم الثاني: التقويم الذاتي ومضمونه تقويم الفرد أو الجماعة لذاتها كما في قوله تعالى( وما أبرّئ نفسي أنّ النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربّي )(يوسف: 53) وقوله صلى الله عليه وسلم( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا). لا كهنوت فى الإسلام: والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو المصطلح الاسلامى المقابل لمصطلح السلطة الروحية أو السلطة الدينية فى الفكر السياسي الغربي الحديث والمعاصر، وطبقا للتصور الاسلامى فان هذه السلطة الدينية (الروحية) (التي عبر عنها القران بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) مخوله بموجب الاستخلاف العام لجماعة المسلمين﴿ كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ﴾، أما اى جماعه من المسلمين فهي مكلفه بالأمر بالمعروف او النهى عن المنكر من باب التخصص، وليس الانفراد كما فى قوله تعالى(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )(آل عمران: 104)، فليس فى الإسلام رجال دين ولكن به علماء دين . وهذا يعنى رفض التصور الاسلامى للكهنوتية التي تعنى إسناد السلطة الدينية (و السياسية) إلى فرد أو فئة ، ينفرد او تنفرد بها دون الجماعة( رجال الدين). يقول تعالى(واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله )، الأكثرون من المفسرين قالوا ليس المراد من الأرباب أنهم اعتقدوا أنهم آلهة العالم ،بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم .بمعنى آخر فا فان إطلاق اسم اسلامى على فرد معين، أو اسم إسلاميين على جماعه معينه ،لا يعنى أن هذا الفرد أو هذه الجماعة ينفرد او تنفرد بالسلطة الروحية ( أو السياسية ) دون الجماعة، لأنه شكل من أشكال الكهنوتية الذي يرفضها الإسلام. النشاط السياسي اجتهادي: أن النشاط السياسي للأحزاب السياسية (الاسلاميه) ليس صراع ديني بين مسلمين وكفار بل صراع سياسي يدور في إطار الاجتهاد في وضع حلول للمشاكل التي يطرحها الواقع.هذا التقرير مبنى على تقرير أهل السنة أن الامامه( السلطة) من فروع الدين لا أصوله( بخلاف الشيعة الذين قرروا أن الامامه من أصول الدين وبخلاف الخوارج الذين كفروا مخالفيهم)، يقول الآمدي ( واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات ، ولا من الأُمور اللابدِّيَّات ، بحيث لا يسع المكلَّف الإعراض عنها والجهل بها... ) (غاية المرام في علم الكلام : ص 363) .ويقول الإيجي عن الامامه: ( وهي عندنا من الفروع ، وإنّما ذكرناها في علم الكلام تأسيّاً بمن قبلنا ) (المواقف : ص 395) .. كما هو مبنى على عدم نفى القران صفه الأيمان عن الطوائف المتصارعة" وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلي أمر الله". كما هو مبنى على أن الصحابة اختلفوا في مسالة السلطة إلي حد القتال(على بن أبى طالب ومعاوية- على وعائشة... رضي الله عنهم) دون أن يكفر احدهم الأخر. تعدد أساليب التغيير: إن منهج التغير الاسلامى يقوم على تعدد أساليب التغيير (كأساليب التغيير الفكري و السياسي و الاجتماعي و التربوي...)،وبالتالي فان التزام جماعه معينه بأسلوب تغيير معين يجب أن يكون من باب التخصص لا الانفراد، ،اى دون إنكارها لأساليب التغيير الأخرى التي قد تلتزم بها جماعات أخرى . وهو ما أقرته العديد من النصوص، كقوله تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(التوبة:122). عدم التكفير: هناك العديد من الكتاب الذين يستخدمون مصطلح (اسلامى) دون تكفير من يوصف بانه (غير اسلامى) فعلى سبيل المثال يقول مخلص السبتي (والتمييز بين المسلم والإسلامي فيه قرار بحرية الآخر الذي لا يعمل للإسلام لذاته، بل لتوجهات علمانية، ليبرالية أو اشتراكية أو غيرها؛ ولا يمكن إخراج هؤلاء من الإسلام دينا، وربما صلوا وصاموا. فالتمييز إذن بين من يتخذ الإسلام مشروعا حضاريا متكاملا، ومن يتخذه علاقة بين الإنسان وربه، يجب ألا يقوم على هذا الأساس ) (الصحوة الإسلامية بالمغرب، ص 53)،ن ونحن إذ نلتقي مع هؤلاء الكتاب في وجوب عدم تكفير من يوصف بأنه غير اسلامى ، بخلاف من يوصف بأنه غير مسلم، لكن العلة في ذلك عندنا أن مصطلح (اسلامى) كما ذكرنا من قبل هو اصطلاح بشرى حادث في تاريخ الامه، وليس مصطلح شرعي ، وبالتالي فان معيار تصنيف الناس إلى اسلامى وغير اسلامى هو اجتهاد بشرى يحتمل الصواب والخطأ ، و قد لا يخلو من الأهواء الذاتية" كالتعصب المذهبي، والاستبداد بالراى والضيق بالمخالف..." بخلاف معيار تصنيف الناس إلى مسلم وغير مسلم ، فهو وضع الهي وذو ضوابط شرعيه ، ومن هذه الضوابط جواز التكفير على العموم ، أما المعين فيتوقف تكفيره على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع: بمعنى جواز القول بان قول ما(مفهوم أو قيمه أو قاعدة) هو كفر ، أما الشخص المعين فلا يجوز القول بكفره إلا بعد استيفائه شروط التكفير وانتفاء موانعه عنه، يقول ابن تيمية ( إن التكفير العام يجب القول بإطلاقه وعمومه، وأما الحكم على المعين بأنه كافراً أو مشهود له بالنار، فهذا يقف على الدليل المعين، فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه) (ابن تيمية، الفتاوى، الفتاوى ،مجلد 12، ص22) .وطبقا لهذه القاعدة فانه يجب التمييز بين : أولا:المفاهيم والقيم والقواعد،والتي يجوز الحكم بأنها كفر ،وبالتالي قد يتطابق هنا وصف (الكفر) مع وصف (غير إسلاميه). ثانيا:الأشخاص الذين لا يجوز وصفهم بالكفر إلا بعد استفاء شروط التكفير وانتفاء موانعه، وبالتالي لا يتطابق هنا الوصف الشرعي (كافر) مع الوصف الاجتهادي (غير اسلامى ) . مضمون الدلالة الثانية للمصطلح: كما ذكرنا سابقا فانه لم يتم استخدام المصطلح بدلالاته الحديثة في المجتمعات المسلمة إلا في العصور الحديثة بعد ظهور الاستعمار، ومرجع ذلك انه ظهر كرد فعل ذاتي، على الدعوة إلى أو محاوله إبدال مفاهيم وقيم وقواعد الإسلام بمفاهيم وقيم وقواعد غربيه "اى التغريب"،وتتضح صفه الذاتية في أن الدلالة الأولى للمصطلح تستند إلى أو يلزم منها مفاهيم قد تتناقض مع مقاصد وضوابط الشرع،ولا يمكن تجاوز مرحله رد الفعل الذاتي إلى بالانتقال إلى مرحله الفعل الموضوعي المتمثل فى خضوع دلاله المصطلح لجمله من الضوابط التي تحقق اكبر قدر من الاتساق مع مقاصد وضوابط الشرعة كما اشرنا عن الحديث عن ألدلاله الثانية للمصطلح ، وظهور المصطلح كرد فعل على التغريب يدل على ان المصطلح لا يتصل بالاسلام كدين فقط بل يتصل بالاسلام كدين وحضاره، وهذا يؤكد ما سبق ان ذكرناه من ان المصطلح ليس مصطلح دينى خالص،وان كان مضمونه دينى .ومضمون الدلالة الثانية للمصطلح هو:العمل على تحقيق الممكن، من الالتزام بمفاهيم وقيم وقواعد الإسلام،على المستوى العام، في مجال معين من مجالات الحياة ،في المجتمعات المسلمة . فهذه الدلالة أولا: ترفض القفز مما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون وتدعو إلى الانتقال مما هو كائن إلى ما هو ممكن إلى ما ينبغي أن يكون ،استنادا إلى قاعدة التدرج التي اقرها الإسلام.،وهذه الدلالة ثانيا تميز (ولا تفصل) بين المستوى الخاص، الذي قد يلتزم فيه الفرد المسلم بمفاهيم وقيم وقواعد الإسلام ، والمستوى العام الذي قد لا يلتزم فيه المجتمع المسلم بمفاهيم وقيم وقواعد الإسلام، وعدم الالتزام قد يكون مفروض بواسطة الاستعمار أو انظمه تابعه للغرب فكريا أو سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا...وقد يكون مطلوب بواسطة تيارات فكريه تغريبية.وهذه الدلالة ثالثا:ترى انه يستحيل أن يعمل فرد معين أو جماعه معينه على تحقيق هذا الالتزام بمفاهيم وقيم وقواعد الإسلام، في جميع مجالات الحياة " " فهو اسلامى أو هم إسلاميين على وجه العموم دون تخصيص" بل ما هو ممكن هو تخصص كل فرد أو جماعه في تحقيق هذا الالتزام في مجال معين من مجالات الحياة ، هذا التخصص هو احد خصائص منهج التغييرالاسلامى قال تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(التوبة:122).وهذه الدلالة أخيرا لا تنفى صفه الإسلام عن المجتمعات المسلمة ولا تكفرها. - للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com) | |
|