عن الجدل حول شرعيه الاستعانه بالاجنبى
د.صبرى محمد خليل استاذ الفلسفه بجامعه الخرطوم
sabri.khalil@hotmail.comالتمييز بين غير المسلم المواطن والاجنبى : بدايه يجب التمييز بين غير المسلم المواطن وغير المسلم الاجنبى، فالأول يجب الاستعانه به فى السلم والحرب، لأن هذه الاستعانه جزء من حق المواطنة الذى اقره الاسلام على المستوى النظرى حين اقر تعدد الانتماء الديني في الامه الواحدة دون أن يمس هذا التعدد وحده الامه ، لذا نجد في القران عشرات الآيات التي تنظم العلاقة بين المنتمين إلي أديان متعددة في أمه واحده،فهو يدعو أهل الكتاب إلي ما هو مشترك في الأديان السماوية لا التخلي عن دينهم والانتماء إليه فهو يدعوهم معه لا يدعوهم إليه﴿ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمه سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ﴾(آل عمران:64)، وفى هذه الحياة المشتركة يكون الحوار حول أيهم اصح عقيدة دون أن يمس أو يهدد الحوار هذه الحياة المشتركة ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن﴾.(العنكبوت:46).
والذى اقره الاسلام على المستوى التطبيقي، ففي المدينة المنورة و في ظل الصحيفة تكون "شعب" تتعدد فيه علاقات الانتماء إلى الدين(المسلمين أمه واليهود أمه) ولكن يتوحد الناس فيه مع اختلاف الدين في علاقة انتماء إلى ارض مشتركه ، اى علاقة انتماء إلى وطن.
ولا يتناقض مفهوم أهل الذمة مع تقرير الاسلام لحق المواطنه لغير المسلم كما يزعم البعض بل هو تاكيد لذلك ، فالذمة لغة العهد والكفالة والضمان والأمان(الفيروز ابادى، القاموس المحيط، 4/115) أما اصطلاحا ( التزام تقرير الكفار في ديارنا وحمايتهم والذب عنهم ببذل الجزية والاستسلام من جهتهم)( أبو زهره المجتمع الانسانى، ص 194) فهو تقرير حقوق المواطنة لغير المسلم في الدولة الاسلاميه (اليهود أمه مع المؤمنين) مع احتفاظه بحريته الدينية على المستوى الدستوري( في ذمه الله ورسوله) ضمانا لعدم إهدارها بواسطة الاغلبيه المسلمة مادام قائما بواجباتها.أما التمييز بين الذميين والمسلمين فلم يقل به احد من المتقدمين،وقال به بعض المتاخرين في مرحله تاريخية لاحقه، لوقوف بعض الذميين مع التتار ضد المسلمين من باب الاحتراس ،فهو ليس قاعدة بل حكم تاريخي مربوط بظروف معينه(عبد العزيز كامل، معامله غير المسلمين ج1، ص199)
ففيما يتعلق بالاستعانه بغير المسلم المواطن فى السلم بإسناد الأعمال له فإننا اذا كنا نجد نجد من يرى المنع المطلق كأغلب المالكية والإمام احمد، لكن هناك من يرى الجواز المطلق كابي حنيفة وبعض المالكية، أو الجواز أحيانا والمنع أحيانا وهو رأى اغلب العلماء حيث يرى ابن العربي( أن كانت في ذلك فائدة محققه فلا باس به)(ابن العربي، 16،268). كما جوز الماوردي وأبو يعلى لغير المسلم أن يتولى وزاره التنفيذ دون ولاية التفويض .وتاريخيا استعان بهم الخلفاء.
اما فيما يتعلق بالاستعانه بغير المسلم المواطن فى الحرب فهناك سوابق تاريخية تؤيد ذلك ، ففي صلح حبيب بن مسلم للجراحجه( أنهم طلبوا الأمان والصلح فصالحوه على أن يكونوا أعوانا للمسلمين وان لا يؤخذوا بالجزية)( البلاذردى، فتوح البلدان،ج1/ ص217) ومع أهل ارمينه( أن ينفروا لكل غاره... على أن توضع الجزاء عمن أجاب إلي ذلك)( الطبري، تاريخ الأمم، ج 5،ص 257.).
التمييز بين الاعانه والاستعانه : اما غير المسلم الاجنبى- وهو موضوع الحديث هنا - فيجب التمييز بين اعاننه والاستعانه به، ففيما يتعلق باعانه غير المسلم الاجنبى اتفق العلماء على منع اعانه غير المسلم على المسلم لورود العديد من النصوص الداله على ذلك كقوله تعالى( يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين) [ المائدة : 51 ] ، ولكنهم تفاوتوا فى درجه الحكم على من اعان غير المسلم على المسلم ، فقال بعضهم ان هذه الاعانه توجب التكفير ، وقال اخرون ليست كل إعانة مكفرة بدليل الحديث ( ان حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه كتب كتاباً لقريش يخبرهم فيه باستعداد النبي صلى الله عليه وسلم للزحف على مكة إذ كان يتجهز لفتحها وكان يكتم ذلك ليبغت قريشا ً على غير استعداد منها فتضطر إلى قبول الصلح وما كان يريد حرباً ، وأرسل حاطب كتابه مع جاريه وضعته في عقص شعرها فأعلم الله نبيه بذلك فأرسل في أثرها علياً والزبير والمقداد وقال : ( انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ) فلما أتي به قال : ( يا حاطب ما هذا ) ؟ فقال : يا رسول الله لا تعجل على ! إن كنت حليفاً لقريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا ً يحمون بها قرابتي ولم أفعله ارتدادا ً عن ديني ولا رضي بالكفر بعد الإسلام ، فقال عليه الصلاة والسلام: ( أما إنه قد صدقكم ) واستأذن عمر النبي صلى الله عليه وسلم في قتله فلم يأذن له ) ( أخرجه : البخاري ( 3007 ) ومسلم ( 6351 ، 6352 ))، يقول الامام الشافعي ( وليس الدلالة على عورة مسلم ولا تأييد كافر بأن يُحذِّر أن المسلمين يريدون منه غِرَّةً ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفرٍ بَيِّن ) ( الأم 4/249 ) . و قالوا انه بمعرفة باعث الاعانه يكون الحكم ُبدليل ان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم سال حاطب بقوله : ( يا حاطب ما هذا).. فإن كانت أعانه غبر المسلم لأجل دينه فهى كفر يقول الآلوسي:« وقيل : المراد من قوله تعالى : { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } [ المائدة : 51 ] ؛ كافر مثلهم حقيقة , وحكي عن ابن عباس رضي الله عنهما , ولعل ذلك إذا كان توليهم من حيث كونهم يهوداً ونصارى » .. ( تفسيره 3/157 ).. أما إن كانت الأعانه لأجل الدنيا فهى لا تقتضى التكفير ولكنها ذنب يوجب التوبه: وهذا يستفاد من حديث حاطب رضي الله عنه ؛ حينما اعتذر بإرادته مصلحةً دُنيويَّة ، وقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عذره ذاك ولم يحكم عليه بالكفر .يقول ابن كثير:« قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عذر حاطب لَمّا ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعةً لقريش لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد » .. ( تفسيره 4/410 ) . ويقول ابن تيمية ( وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً : كما حصل لحاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) ( الفتاوى 7/522 ). يقول الشيخ الألباني رحمه الله عن المستعين بالكافر ( ... لا نكفره إلا إذا استحل موالاة الكفار بقلبه ، ) (سلسلة الهدى و النور، شريط رقم 439 ).
الاستعانه بغير المسلم: اما الاستعانه بغير المسلم الاجنبى فيمكن تفضيلها الاتى:
اولا: الاستعانه بغير المسلم في السلم : اختلف العلماء فى حكم الاستعانه بغير المسلم فى حاله السلم، فقال بعضهم بالمنع، وقال اخرون يجوز للمسلم أن يستعين بغير المسلم المسالم في الأمور الدنيويه التي لا تتصل بالدين مثل: الطب، والزراعة، والصناعة، ومن الادله على ذلك ما جاء في حديث الهجرة الى المدينة أن أبا بكر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا نبي الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا، فاستأجر عبد الله بن اريقط، رجلاً من بني الديل بن بكر وكان مشركاً، يدلهما على الطريق، فدفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما" (ابن هشام ج 2 ص 98 ). وفي بيعة العقبة الكبرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ومعه العباس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه "إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له) ابن هشام ج 1 ص 49).
ثانيا: الاستعانه بغير المسلم فى الحرب :
ا/ الاستعانه بغير المسلم على غير المسلم بين الايجاب والمنع :
مذهب الايجاب : . ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ , وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ , وَالشَّافِعِيَّةُ مَا عَدَا ابْنَ الْمُنْذِرِ , وَابْنَ حَبِيبٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ , وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ إلَى جَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ بغير المسلم فِي قِتَالِ غير المسلم عِنْدَ الْحَاجَةِ . يقول الجصاص الحنفي( وَقَالَ أَصْحَابُنَا : لَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إذَا كَانُوا مَتَى ظَهَرُوا كَانَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ هُوَ الظَّاهِرُ , فَأَمَّا إذَا كَانُوا لَوْ ظَهَرُوا كَانَ حُكْمُ الشِّرْكِ هُوَ الْغَالِبُ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ ) [أحكام القرآن]. و يقول ابن قدامة: "فصل ولا يستعان بمشرك وبهذا قال ابن المنذر والجوزجاني وجماعة من أهل العلم وعن أحمد ما يدل على جواز الاستعانة به وكلام الخرقي يدل عليه أيضا عند الحاجة وهو مذهب الشافعي .." (9/207)
ويقول الامام الشافعي (وإن كان مشرك يغزو مع المسلمين وكان معه في الغزو من يطيعه من مسلم أو مشرك وكانت عليه دلائل الهزيمة والحرص على غلبة المسلمين وتفريق جماعتهم لم يجز أن يغزو به ... ومن كان من المشركين على خلاف هذه الصفة فكانت فيه منفعة للمسلمين القدرة على عورة عدو أو طريق أو ضيعة أو نصيحة للمسلمين فلا بأس أن يغزي به [الأم (4/166)].
ومن اشكال الاستعانة بغير المسلم أخذ السلاح منهم، سواء كان بيعا، أو إعارة
ومن ذلك استعارة الرسول صلى الله عليه وسلم، أدرع صفوان بن أمية، كما حديث جابر الطويل في قصة غزوة حنين: « ...بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صفوان بن أمية، فسأله أدراعا، مائة درع وما يصلحها من عدتها، فقال: أغصبا يا محمد؟ قال: ( بل هي مضمونة حتى نؤديها إليك ) ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا » [أخرجه الحاكم في المستدرك، برقم (4369) وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه]
مذهب المنع: وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ مَا عَدَا ابْنَ حَبِيبٍ , وَجَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , مِنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْجُوزَجَانِيُّ : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِمُشْرِكٍ ; لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: ( فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ) . وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونُوا فِي غَيْرِ الْمُقَاتِلَةِ , بَلْ فِي خَدَمَاتِ الْجَيْشِ
مذهب الجمع بين الايجاب والمنع : والمذهب الذى نرجحه ، والذى يجمع بين مضمون المذهبين السابقين هو تقسيم الحكم الى : حكم اصلى هو الايجاب بدرجاته حسب درجه امكان الجمع بين جلب المصلحه التى قد تتحقق من الاستعانه بغير المسلم ،ودرء المفسده التى قد تلزم من ذلك دون المنع، بالالتزام بجمله الشروط التى اشار اليها الفقهاء منها أَنْ يَعْرِفَ الْإِمَامُ حُسْنَ رَأْيِهِمْ فِي الْمُسْلِمِينَ وَيَأْمَنُ خِيَانَتَهُمْ (الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ)،وأَنْ يَكْثُرَ الْمُسْلِمُونَ , بِحَيْثُ لَوْ خَانَ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ , وَانْضَمُّوا إلَى الَّذِينَ يَغْزُونَهُمْ , أَمْكَنَهُمْ مُقَاوَمَتُهُمْ جَمِيع( الْإِمَامُ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ)، وأَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوّ الْمَاوَرْدِيُّ ... (الموسوعةُ الفقهية )... وحكم فرعى هو المنع بدرجاته حسب درجه استحاله الجمع بين جلب المصلحه التى قد تتحقق من الاستعانه بغير المسلم ،ودرء المفسده التى قد تلزم من ذلك ، وذلك فى حاله عدم توافر امكانيه الالتزام بهذه الشروط.
ب/ منع الاستعانه بغير المسلم على المسلم:
كما اتفق العلماء على ان الحكم الاصلى للاستعانه بغير المسلم على المسلم هو المنع لورود العديد من النصوص الداله على ذلك كقوله تعالى (ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)) [المائدة (51)]
يقول القرطبي " قوله تعالى: ((ومن يتولهم منكم)) أي يعضدهم على المسلمين ((فإنه منهم)) بين تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم ابن أبي، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع المولاة.
وقوله تعالى: ((الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا)) [النساء (139)].يقول القرطبي "قوله تعالى: (الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) ...وتضمنت المنع من موالاة الكافر وأن يتخذوا أعوانا على الأعمال المتعلقة بالدين) [الجامع لأحكام القرآن (5/416)]
يقول الشيخ يوسف القرضاوى ( أما استعانة المسلم بغير المسلم على أخيه فلا يتوافر فيها اي شروط مما اشترطه الفقهاء لجواز الاستعانة بغير المسلمين. أولا: لأنها استعانة بالكافر على المسلم .وثانيا: أن هذا الكافر غير مأمون على المسلمين،.وثالثا: أنه ليس تحت سلطان المسلمين،.
ورابعا: أن تسمية هذا النوع من التعامل (استعانة بالكافر) هو لون من الخداع للنفس، فالمستعين لا بد أن يكون أصلا، والمستعان به فرعا مكملا) ( فقه الجهاد ( 721-703-1
الاباحه للضرره: ورغم اتفاق العلماء على ان الحكم الاصلى للاستعانه بغير المسلم على المسلم هو المنع كما سبق بيانه ، فان بعض العلماء اباح الاستعانه بغير المسلم على المسلم للضروره . يقول الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمه الله فى الاجابه على السؤال ما هو حكم الاستعانة بالكافر ضد المسلم؟ لا يجوز ذلك إلا عند الحاجة، كما حصل من موسى لما قتل ذلك القبطي مع أن ذلك الإسرائيلي لم يكن مُسلمًا في ذلك الوقت( فتوى رقم 3578)
ويقول الشيخ القرضاوى في الحالة الليبية ردا على القذافي فى قوله ان الحرب على ليبيا هي صليبية ... بما معناه انها ليست صليبية ، وهي جاءت بناء على طلب من الثوارالليبين والعرب ، وهي من باب الضرورة والحاجة.
جواز الاستعانة بغير المسلم لغرض الحماية ومنع الاذى : وهنا لابد من قصر الضروره التى قررها بعض العلماء اعلاه ، على حمايه حياه المسلمين من الاذى والخطرالمباشر الذى قد تتعرض له ، بعد عدم توافر امكانيه تحقيق ذلك بواسطه اهل البلد المعين خاصه والمسلمين عامه ، وان لا يتجاوز ذلك الى ما يمس مصلحه الدوله الاسلاميه المعينه ، ووحدتها وسلامه أراضيها ،وسيادتها على أرضها ،وذلك استنادا الى قاعده(الضروره تقدر بقدرها). ويمكن الاسئناس فى ذلك الى العديد من الادله - مع ملاحظه ان مصدر الاذى فى هذه الادله كان غير المسلم –ومن هذه الادله : أن أبا طالب كان يحمي الرسول الله صلى الله عليه وسلم ويمنعه من قريش . وخروج الرسول صلى الله عليه وسلم الى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عزّ وجلّ( ابن هشام ج 2 ص 28). وماورد في امتاع الاسماع للمقريزي "ويقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاد من الطائف وانتهى الى حراء بعث رجلاً من خزاعة الى المطعم بن عدي ليجيره حتى يبلغ رسالة ربه فأجاره" (امتاع الاسماع ص 28) . ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب اصحابه من البلاء، وما هو فيه من العافية لمكانه من الله، ومن عمه أبي طالب وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، قال لهم: "لو خرجتم الى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه. وعرض ابن الدغنة على أبي بكر جواره، فقبله أبو بكر، فقال ابن الدغنة: يا معشر قريش إني قد أجرت ابن أبي قحافة فلا يعرضن له أحد إلا بخير (ابن هشام ج1 ص 396).